للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَرْفَكَ فَانْظُرْ، فَنَظَرَ فَإِذَا قَدَمَاهُ مِثْلَ الزَّبْرْجَدِ الأَخْضَرِ، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. قال علماء السير: أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة، وآخى بينه وبين زيد بن حارثة، وإليه أوصى حمزة حين حضر القتال يوم أحد وقتله وحشي يومئذ وشق بطنه وأخذ كبده وجاء بها إلى هند بنت عتبة، فمضغتها ثم لفظتها، ثم جاءت فمثلت بحمزة، وجعلت من ذلك مسكتين ومعضدتين وخدمتين حتى قدمت بذلك مكة.

ودفن حمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد، وحمزة خال عبد الله، ونزل في قبر حمزة أبو بَكْر وعمر وعلي والزبير، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على حفرته.

أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدَبِّرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمَأْمُونِ، قَالَ:

أَخْبَرَنَا الدار الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْدُونٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَىَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَحْشُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو الضَّمْرِيِّ، قَالَ:

خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخَيَّارِ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ، قَالَ لِي عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ، فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمْنَا فرد السلام وعبيد الله معتمر بِعِمَامَتِهِ مَا يُرَى مِنْهُ إِلا عَيْنَاهُ وَرِجْلاهُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ فَنَظَرَ إليه ثم قَالَ: لا وَاللَّهِ إِلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخَيَّارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا فَاسْتَرْضَعَتْهُ فَحَمَلَتْ ذَلِكَ الْغُلامَ مَعَ أُمِّهِ فَنَاوَلَتْهَا إِيَّاهُ فَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْهِ، فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَلا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِِ حَمْزَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ [١] ، إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ- قَالَ: وَعَيْنَيْنُ جَبَلٌ تَحْتَ أُحُدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ- فَخَرَجْتُ/ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَنِ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سُبَاعٌ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ، فَقَالَ: يَا سُبَاعُ يَا ابْنَ [أُمِّ] [٢] أَنْمَارٍ مُقَطَّعَةِ الْبُظُورِ، أَتُحَارِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ وَكَانَ كَأَمْسٍ الذَّاهِبِ، وَكَمُنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعْتُهَا في ثنيته حتى دخلت


[١] في أ: «بلى» .
[٢] ما بين المعقوفتين: من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>