للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هاجر إلى المدينة أول من هاجر، وذلك أن الأنصار كتبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ابعث لنا رجلا يفقهنا في الدين ويقرئنا القرآن، فبعث إليهم مصعب بن عمير، فنزل على أسعد بن زرارة وكان يأتي الأنصار في دورهم وقبائلهم فيدعوهم إلى الإسلام، وأظهر الإسلام فِي دور الأنصار، وكتب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يستأذن أن يجمع بهم في دار ابن خيثمة، وكانوا يومئذ اثني عشر رجلا، وهو أول من جمع في الإسلام يوم الجمعة.

وقد قيل: إن أول من جمع بهم أبو أمامة أسعد بن زرارة.

ثم خرج مصعب بن عمير من المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الثانية، فقدم مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقرب منزله، فجعل يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسراع الأنصار إلى الإسلام فسر بذلك.. وبعثت إليه أمه: يا عاق، أتقدم بلدا أنا به ولا تبدأ بي، فقال: ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أمه فأرادت حبسه [١] ، فقال: إن حبستني لأحرضن على قتل من يتعرض لي، فبكت وقالت: اذهب لشأنك، فقال: يا أماه، إني لك ناصح وعليك شفيق، فأسلمي، قالت: والثواقب لا أدخل في دينك.

وأقام مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر، وقدم قبل رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم إلى المدينة مهاجرا لهلال ربيع الأول قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم باثنتي عشرة ليلة.

وكان لواء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأعظم لواء المهاجرين يوم بدر معه ويوم أحد.

ولما جال/ المسلمون ثبت به وأقبل ابن قميئة وهو فارس فضرب يده اليمنى فقطعها، ومصعب يَقُولُ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ... ٣: ١٤٤ [٢] .

فأخذ اللواء بيده اليسرى، وحنا عَلَيْهِ فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره، وهو يقول: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ٣: ١٤٤ الآية. ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه واندق الرمح ووقع مصعب وسقط


[١] في الأصل: «أن تحبسه» وما أوردناه من أ، وابن سعد.
[٢] سورة: آل عمران، الآية: ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>