للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يصبر حرم عليه، فإذا جرى هذا التفضيل في المتصدق نفسه فأولى أن يجري في مؤنة البالغ العاقل إذا رضي، ثم المراد بكفايته إن لم يصبر على الإضافة، وبكفاية من تلزمه مؤنة كفاية يوم وليلة، وكسوة فصل، فهذا هو الذي يحرم التصدق به دون ما زاد عليه، هذا هو الظاهر الذي قاله جماعة أخذا من كلام الإحياء، وليس المراد بذلك ما يكفيهم حالا فقط، ولا ما يكفيهم سنة.

قال الأذرعي: قد يقال يدخر لنفسه وعياله قوت سنة، ولا يتصدق بالفاضل إذا لم يتوقع حصول شيء قبل مضي عام.

وأيده غيره لقوله في الروضة في السير عن الإمام، وأقره يجب على الموسر من المواساة بما زاد على كفاية سنة. انتهى.

ولك أن تقول إن أراد الأول أخذا من جواز التصدق، بل ندبه على ما زاد عن كفاية يوم وليلة وكسوة فصل.

وما في الروضة لا يدل للأذرعي، لأن وجوب البذل يحتاط له أكثر، فلا يلزم من اعتبار السنة اعتبارها في المطلوب الذي هو صدقة التطوع. بقوله لا يتصدق بالفاضل ... الخ، أن التصدق بشيء من نفقة السنة حرام كان بعديا جدا ومخالفا لكلامهم، وإن أراد كراهة التصدق بذلك كان له نوع اتجاه، لكن الظاهر

وما ذكرته من حرمة التصدق بما يحتاجه الإنسان لنفسه إذا لم يصبر على الإضافة هو المعتمد، وأما في الروضة من عدم التحريم، واغتر به جماعة، فمحمول على من صبر على الإضافة كما أفاده كلام المجموع، وعلى الأول أعني الحرمة مع عدم التبصر حرام على ما قالوه في التيمم من حرمة إيثار عطشان آخر بالماء، وعلى الثاني أعني الحل مع الصبر حمل ما قالوه في الأطعمة من أن للمضطر أن يؤثر على نفسه مضطرا آخر مسلما، أما ما فضل عن حاجة نفسه ومؤنة يومهم وليلتهم وكسوة فصلهم، فيسن التصدق بجميعه إن صبر على الإضافة وإلا كره كما في المهذب وغيره. وعلى هذا التفصيل جملة الأخبار المختلفة، منها الخبر الصحيح أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه تصدقن بجميعب ماله، فأثنى عليه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك.

والخبر الصحيح أن رجلا جاء بمثل البيضة من ذهب، وقال النبي صلى الله تعالى عليه

<<  <   >  >>