للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دفعه في دينه، وإن رجا وفاءه من جهة ظاهرة، وبما تقرر أنه لا فرق بين الدين الحال والدين المؤخل، وبين الزكاة وغيرها.

وبحث ابن الرافعة وتبعه القمولي إلحاق المؤجل بما يحتاجه لنفقة عياله في المستقبل، وأجاب عنه الأذرعي بأن الذمة مشغولة بالدين الآن بخلاف نفقة العيال في المستقبل.

قال أعني الأذرعي ولم يقل فيما أظن أن من عليه صداق أو غيره أنه إذا تصدق برغيف ونحوه مما يقطع بأنه لو بقي لم يدفعه إلى جهة الدين أنه لا يستحب له التصدق به، ولو قيل بكراهة الصدقة أو حرمتها على من عليه دين أي حال أو مؤجل سواء أرجة الوفاء أم لا لسد باب التطوع، فإن غالب الناس لا يخلو ذمته من دين معمر أو غيره، وحيث حرمة الصدقة بشيء لم يملكه المتصدق عليه على الأوجه، كما التيمم تصح هبة من لزمته كفارة أو ديون ماء يملكه لإمكان الغرف بأن الهبة فيها عقد والحرمة لا تنافية، لأنها ليست ذاتية له، والصدقة ليس فيها ذلك أو لا ملك فيها إلا الأخذ، وهو هنا حرام لذاته، وما كان حراما لذاته لا يقتضي الملك.

وبما ذكرته يعلم، وما بحثه ابن الرافعة: أن الصدقة حيث حرمت، كان في ملك الآخذ لها الخلاف في هبة الطهارة في الوقت، وخالفه الأذرعي ففرق بأنه هنا تعلق به حق آدمي، وهو نحو قريبه، وتوجه عليه صرفه حالا بخلاف الماء عند اتساع الوقت أو عند ضيقه، لأن له بدلا وهو التراب، أي فلا يملكه هنا جزما.

الثالثة والثلاثون: من دفع إلى وكيله أو ولده أو غلامه أو غيرهم شيئا ليعطيه سائلا أو غيره صدقة تطوع لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم ينفق دفعه إلى ذلك المعين استحب له أن لا يعود فيه بل يتصدق على غيره، فإن استرده وتصرف فيه جاز لأنه باق على ملكه.

<<  <   >  >>