للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرى غير ذلك، وأنت لا تراه، بل تجزم بضربه. وقيل: " إلا " بمعنى الواو، وهذا على قول بعض النحاة، وهو ضعيف. وسيبويه يجعل إلا بمعنى لكن، فيكون الاستثناء منقطعاً ورجحه ابن جرير وقال: إن الله تعالى لا خلف لوعده، وقد وصل الاستثناء بقوله: (عطاء غير مجذوذ) [هود: ١٠٨] ، قالوا: ونظيره أن تقول: أسكنتك داري حولاً إلا ما شئت، أي سوى ما شئت، ولكن ما شئت من الزيادة عليه. وقيل: الاستثناء لإعلامهم بأنهم - مع خلودهم - في مشيئة الله، لأنهم لا يخرجون عن مشيئته، ولا ينافي ذلك عزيمته وجزمه لهم بالخلود، كما في قوله تعالى: (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا) [الإسراء: ٨٦] ، وقوله تعالى: (فإن يشأ الله يختم على قلبك) [الشورى: ٢٤] ، وقوله: (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به) [يونس: ١٦] ، ونظائره كثيرة، يخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

وقيل: إن " ما " بمعنى " من " أي: إلا من شاء الله دخوله النار بذنوبه من السعداء. وقيل غير ذلك.

وعلى كل تقدير، فهذا الاستثناء من المتشابه، وقوله: (عطاء غير مجذوذ) [هود: ١٠٨] . وكذلك قوله تعالى: (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) [ص: ٥٤] . وقوله: (أكلها دائم وظلها) [الرعد: ٣٥] . وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع

<<  <   >  >>