للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب* لا ظليل ولا يغني من اللهب* إنها ترمي بشرر كالقصر *كأنه جملت صفر) [المرسلات: ٣٠-٣٣] . فالآية تقرر أن الدخان الذي يتصاعد من هذه النار لضخامته ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهو يلقي ظلالاً ولكنها غير ظليلة، ولا تقي من اللهب المشتعل، أما شرار هذه النار المتطاير منها فإنه يشبه الحصون الضخمة، كما يشبه هذا الشرار الجمالة الصفر، أي الإبل السود.

وقال الحق مبيناً قوة هذه النار، ومدى تأثيرها في المعذبين: (سأصليه سقر*وما أدراك ما سقر*لا تبقي ولا تذر*لواحة للبشر) [المدثر: ٢٦-٢٩] ، إنها تأكل كل شيء، وتدمر كل شيء، لا تبقي ولا تذر، تحرق الجلود، وتصل إلى العظام، وتصهر ما في البطون، وتطلع على الأفئدة.

وقد أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن " نارنا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم "، قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية، قال: " فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهن مثل حرها ". رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، وفي لفظ مسلم: " ناركم التي يوقد ابن آدم..". (١)

وهذه النار لا يخبو أوارها مع تطاول الزمان، ومرور الأيام (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً) [النبأ: ٣٠] ، (كلما خبت زدناهم سعيرا) [الإسراء: ٩٧] ، ولذلك لا يجد الكفار طعم الراحة، ولا يخفف عنهم العذاب مهما طال العذاب: (فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون) [البقرة: ٨٦] . والنار تسعر كل يوم كما في الحديث عند


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الخلق، باب صفة النار، فتح الباري: (٦/٣٣٠) ، ورواه مسلم في كتاب الجنة، باب شدة حر النار: (٤/٢١٨٤) .

<<  <   >  >>