للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموالهم.

ثم كانت غزوة السويق وكان من أمرها، أن أبا سفيان حلف أن لا يمس الطيب والنساء حتى يغزو محمد صلى الله عليه وسلم، بسبب قتلى بدر، فخرج في مائتي راكب، وبعث قدامه رجال إِلى المدينة، فوصلوا إِلى العريض وقتلوا رجالاً من الأنصار، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ركب في طلبه، وهرب أبو سفيان وأصحابه، وجعلوا يلقونْ جرب سويق تخفيفاٌ، فسميت لذلك غزوة السويق.

[غزوة قرترة الكدر]

وقيل كانت سنة ثلاث، وقرقرة الكدر، ماء مما يلي جادة العراق إِلى مكة، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بهذا المرضع جمعاً من سليم وغطفان، فخرج لقتالهم، فلم يجد أحداً، فاستاق ما وجد من النعم، ثم قدم المدينة. وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين، مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه. وفي هذه السنة تزوج علي بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها كانت الوقعة بذي قار بين بكر بن وائل وبين جيش كسرى برويز، وعليه الهامرز، واقتتلوا قتالاً شديداً، وانهزمت الفرس ومن كان معهم من العرب، وقتل الهامرز. وفيها هلك أمية بن أبي الصلت، واسم أبي الصلت عبد الله ابن ربيعة، وكان أميةْ المذكور من رؤساء الكفار، وكان قد قرأ في الكتب واطلع على بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فكفر به حسداً، وكان يرتجي أن يكون هو المبعوث، وكان أمية قد سافر إلى الشام، وعاد إِلى الحجاز عقب وقعة بدر، ولما مر بالقليب قيل له أن فيه قتلى بدر، ومنهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وهما ابنا خال أمية المذكور، فجدع أذني ناقته ووقف على القليب وقال قصيدة طويلة منها:

ألا بكيتَ على الكرا ... م بني الكرامِ أولى الممادح

كبكا الحمام على فرو ... ع الأيك في الغصن الجوانح

يبكين حزني مستكي ... نات يرحن مع الروايح

أمثالهن الباكيا ... تُ المعولات من النوايح

ماذا ببدرٍ والعتن ... قل من مرازبة حجاجح

شمطٌ وشبانٌ بها ... ليل مغاوير وحاوح

إِن قد تغير بطن مكة ... فهي موحشة الأباطح

ثم دخلت سنة ثلاث وفيها في رمضان ولد الحسن بن علي. وفيها قتل كعب بن الأشرف اليهودي قتله محمد بن مسلمة الأنصاري.

[غزوة أحد]

وكان من حديثها أنه اجتمعت قريش في ثلاثة آلاف، فيهم سبعمائة دارع، ومعهم مائتا فرس، وقائدهم أبو سفيان بن حرب، ومعه زوجته هند بنت عتبة: وكان جملة النساء خمس عشرة امرأة ومعهن الدفوف يضربن بها، ويبكين على قتلى بدر، ويحرضن المشركين على حرب المسلمين. وساروا من مكة حتى نزلوا ذا الحليفة، مقابل المدينة وكان وصولهم يوم الأربعاء لأربع ليال مضين من شوال، سنة ثلاث، وكان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم المقام في المدينة، وقتالهم بها، وكذلك رأي عبد الله بن أبي بن أبي سلول المنافق، وكان رأي باقي الصحابة الخروج لقتالهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ألف من الصحابة، إِلى أن صار بين المدينة وأحد، فانخزل عنه عبد الله بن أبي بن أبي سلول في ثلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني، علام نقتل أنفسنا هاهنا، ورجع بمن تبعه من أهل النفاق، ونزل رسول الله كلَ الشعب من أحد، وجعل ظهره إِلى أُحد، ثم كانت الوقعة يوم السبت، لسبع مضين من شوال، وعدة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعمائة فيهم مائة دارع، ولم يكن معهم من الخيل سوى فرسين، فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفرس لأبي بردة، وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مصعب بن عمير من بني عبد الدار، وكان على ميمنة المشركين خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل، ولواؤهم مع بني عبد الدار، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرماة، وهم خمسون رجلاً، وراءه، ولما التقى الناس، وعنا بعضهم من بعض، قامت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان في النسوة اللاتي معها، وضربن بالدفوف خلف الرجال، وهند تقول:

وبها بني عبد الدار ... وبها حماة الأدبار

ضرباً بكل بتار

وقاتل حمزة عم النبي عليه السلام قتالاً شديداً يومئذ، فقتل أرطأة حامل لواء المشركين، ومر به سباع بن عبد العزى، وكانت أمه ختانة بمكة، فقال له حمزة هلم يا ابن مقطعة البظور، وضربه، فكأنما أخطأ رأسه، فبينما هو مشتغل بسباع، إِذ ضربه وحشي عبد جبير بن مطعم، وكان وحشي حبشياً بحربة، فقتل حمزة، وقتل ابن قمية الليثي مصعب بن عمير حامل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لقريش: إِني قتلت محمداً، ولما قتل مصعب بن عمير، أعطى النبي صلى الله عليه وسلم، الراية لعلي بن أبي طالب.

الكرة على المسلمين

وانهزمت المشركون، فطمعت الرماة في الغنيمة، وفارقوا المكان الذي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بملازمته، فأتى خالد بن الوليد مع خيل المشركين من خلف المسلمين، ووقع الصراخ أن محمداً قتل، وانكشفت المسلمون، وأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء على المسلمين، وكانت عدة الشهداء من المسلمين سبعين رجلاً، وعدة قتلى المشركين اثنين وعشرين رجلاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>