للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ذلك، فبرك وسمى، ثم أكل، وتواردها الناس، كلما صدر عنها قوم جاء ناس، حتى صدر أهل الخندق عنها.

وروى سلمان الفارسي قال: كنت قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أعمل في الخندق، فتغلظ علي الموضع الذي كنت أعمل فيه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة المكان، أخذ المعول وضرب ضربة، فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب أخرى فلمعت برقة أخرى، ثم ضرب أخرى فلمعت برقة أخرى، قال: فقلت بأبي أنت وأمي، ما هذا الذي يلمع تحت المعول، فقال: " أرأيت ذلك يا سلمان فقلت: نعم. فقال: " أما الأولى، فإن الله فتح علي بها اليمن، وأما الثانية: فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب، وأما الثالثة: فإن الله فتح علي بها المشرق "، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق، وأقبلت قريش في أحابيشها ومن تبعها من كنانة، في عشرة آلاف وأقبلت غطفان ومن تبعها من أهل نجد، وكان بنو قريظة وكبيرهم كعب بن أسد، قد عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم فما زال عليهم أصحابهم من اليهود حتى نقضوا العهد، وصاروا مع الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظم عند ذلك الخطب واشتد البلاء، حتى ظن المؤمنون كل الظن، ونجم النفاق، حتى قال معتب بن قشير: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط وأقام المشركون بضعاً وعشرين ليلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقابلهم، وليس بينهم قتال غير المراماة بالنبل، ثم خرج عمرو بن عبد ود من ولد لؤي بن غالب يريد المبارزة، فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال له عمرو: يا ابن أخي والله ما أحب أن أقتلك. فقال علي: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو عند ذلك ونزل عن فرسه فعقره، وأقبل إلى علي وتجاولا وعلا عليهما الغبرة، وسمع المسلمون التكبير، فعلموا أن علياً قتله، وانكشفت الغبرة وعلي على صدر عمرو يذبحه، ثم إن الله تعالى أهب ريح الصبا، كما قال الله عزّ وجل: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها " " الأحزاب: " وكان ذلك في أيام شاتية. فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح أبنيتهم، ورمى الله الاختلاف بينهم، فرحلت قريش مع أبي سفيان، وسمعت غطفان ما فعلت قريش فرحلوا راجعين إلى بلادهم.

[غزوة بني قريظة]

ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، انصرف عن الخندق راجعاً إلى المدينة، ووضع المسلمون السلاح، فلما كان الظهر، أتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله يأمرك بالسير إلى بني قريظة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلي العصر إلا ببني قريظة، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه برايته إلى بني قريظة، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على

<<  <  ج: ص:  >  >>