للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونَصَر الله تعالى المسلمين، واتبع المسلمون المشركين يقتلونهم ويأسرونهم، وكان في السبي الشيماء بنت الحارث وأمها، حليمة السعدية، وكانت أخت رسول الله من الرضاع، فعرفته بذلك وأرته العلامة، وهي عضة النبي صلى الله عليه وسلم في ظهرها، فعرفها وبسط لها رداءه، وزودها وردها إِلى قومها حسبما سألت.

[حصار الطائف]

ولما انهزمت ثقيف من حنين إِلى الطائف، سار النبي صلى الله عليه وسلم إِليهم، فأغلقوا باب مدينتهم، وحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم نيفاً وعشرين يوماً، وقاتلهم بالمنجنيق، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف فقطعت، ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل، فرحل عنهم حتى نزل الجعرانة، وكان قد ترك بها غنائم هوازن، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض هوازن ودخلوا عليه، فرد عليهم نصيبه ونصيب بني عبد المطلب، ورد على الناس بناءهم ونساءهم، ثم لحق مالك بن عوف مقدم هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم وحسن إِسلامه، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعلى من أسلم من تلك القبائل، وكان عدة السبي الذي أطلعه ستة آلاف رأس، ثم قسم الأموال، وكانت عدة الإبل أربعة وعشرين ألف بعير، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، ومن الفضة أربعة آلاف أوقية، وأعطى المؤلفة قلوبهم مثل: أبي سفيان وابنيه يزيد ومعاوية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام أخي أبي جهل وصفوان بن أمية وهؤلاء من قريش، وأعطى الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الذبياني وملك بن عوف مقدم هوازن وأمثالهم، فأعطى لكل واحد من الأشراف مائة من الإبل، وأعطى للآخرين أربعين أربعين، وأعطى للعباس بن مرداس السلمي أباعر لهم يرضها، وقال في ذلك من أبيات:

فأصبح نهبي ونهب العبي ... د بين عيينة والأقرع

وما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع

وما كنت دون امرئ منهما ... ومن يضع اليوم لا يرفع

فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقطعوا عني لسانه فأعطي حتى رضي. ولما فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم، لم يعط الأنصار شيئاً، فوجدوا في نفوسهم، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهم: " أوجدتم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا ألفت بها قوماً ليسلموا وكلتكم إِلى إِسلامكم، أما ترضون أن يذهب الناس بالبعير والشاة، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، أما والذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً لسلكت شعْب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ".

ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة هوازن، وأعطى عيينة بن حصن وأبا سفيان

<<  <  ج: ص:  >  >>