للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. قال خالد: أوما تراه لك صاحبا؟ والله لقد هممت أن أضرب عنقك، ثم تجاولا في الكلام فقال له خالد: إِني قاتلك. فقال له: أو بذلك أمرك صاحبك؟ قال: وهذه بعد تلك، وكان عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري حاضرين، فكلما خالداً في أمره، فكره كلامهما. فقال مالك: يا خالد، ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا. فقال خالد: لا أقالني الله إِنْ أقلتك، وتقدم إِلى ضرار بن الأزور بضرب عنقه، فالتفت مالك إِلى زوجته وقال لخالد: هذه التي قتلتني، وكانت في غاية الجمال، فقال خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام. فقال مالك: أنا على الإسلام، فقال خالد: يا ضرار اضرب عنقه. فضرب عنقه وجعل رأسه اثفية القدر، وكان من أكثر الناس شعراً، وقبض خالد امرأته؛ قيل: إِنه اشتراها من الفيء وتزوج بها، وقيل إِنها اعتدت بثلاث حيض وتزوج بها، وقال لابن عمر ولأبي قتادة: احضرا النكاح فأبيا، وقال له ابن عمر: نكتب إِلى أبي بكر ونعلمه بأمرها وتتزوج بها، فأبى وتزوجها. وفي ذلك يقول أبو نمير السعدي:

ألا قل لحي أوطؤا بالسنابك ... تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضى خالد بغياً عليه بعرسه ... وكان له فيها هوى قبل ذلك

فأمضى هواه خالد غير عاطف ... عنان الهوى عنها ولا متمالك

فأصبح ذا أهل وأصبح مالك ... إِلى غير أهل هالكاً في الهوالك

ولما بلغ ذلك أبا بكر وعمر، قال عمر لأبي بكر: إِن خالداً قد زنى فارجمه، قال: ما كنت أرجمه؛ فإِنه تأول فأخطأ. قال: فإِنه قد قتل مسلماً فاقتله، قال: ما كنت أقتله فإِنه تأول فأخطأ. قال فاعزله، قال ما كنت أغمد سيفاً سله الله عليهم. ولما بلغ متمم بن نويرة أخا مالك المذكور مقتل أخيه، بكاه وندبه بالأشعار الكثيرة، فمن ذلك قصيدة متمم العينية المشهورة التي منها:

وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن نتصدعا

وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا

فلما تفرقنا كأني ومالكاً لطول ... اجتماع لم نبت ليلة معا

وفي أيام أبي بكر فتحت الحيرة بالأمان على الجزية.

ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وسنة ثلاثة عشرة فيها كانت وقعة اليرموك، وهي الوقعة العظيمة التي كانت سبب فتوح الشام، وكانت سنة ثلاث عشرة للهجرة، وكان هرقل إذ ذاك بحمص فلما بلغه هزيمة الروم باليرموك رحل عن حمص؛ وجعلها بينه وبين المسلمين، ولما فرغ خالد بن الوليد وأبو عبيدة من رقعة اليرموك قصدا بصرى، فجمع صاحب بصرى الجموع للملتقى، ثم إِن الروم طلبوا الصلح؛ فصولحوا على كل رأس دينار وجريب حنطة.

وفاة أبي بكر

رضي الله عنه

وقد اختلف في سبب موته، فقيل إِن اليهود سمته في أرز، وقيل في حسوٍ فأكل هو والحارث

<<  <  ج: ص:  >  >>