للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تطلبه الناس منه من عزل مروان عن كتابته، وعبد الله بن أبي سرح عن مصر، فأجاب عثمان إِلى ذلك، وفرق علي الناس عنه، ثم اجتمع عثمان بمروان فرده عن ذلك، ثم اضطره الحال حتى عزل ابن أبي سرح عن مصر، وولاها محمد بن أبي بكر الصديق، وتوجه مع محمد بن أبي بكر عدة من المهاجرين والأنصار، فبينما هم في أثناء الطريق، وإذا بعبد على هجين يجهده، فقالوا له: إِلى أين؟ قال: إِلى العامل بمصر. فقالوا: هذا عامل مصر، يعنون محمد بن أبي بكر، فقال: بل العامل الآخر، يعني ابن أبي سرح فأمسكوه وفتشوه، فوجدوا معه كتاباً مختوماً بختم عثمان يقول: إِذا جاءك محمد بن أبي بكر ومن معه، بأنك معزول فلا تقبل، واحتل بقتلهم، وأبطل كتابهم، وقر في عملك.

فرجع محمد بن أبي بكر ومن معه من المهاجرين والأنصار إِلى المدينة وجمعوا الصحابة وأوقفوهم على الكتاب، وسألوا عثمان عن ذلك فاعترف بالختم وخط كاتبه، وحلف بالله أنه لم يأمر بذلك، فطلبوا منه مروان ليسلمه إِليهم بسبب ذلك فامتنع.

فازداد حنق الناس على عثمان وجدوا في قتاله، فأقام علي ابنه الحسن يذب عنه، وأقام الزبير ابنه عبد الله وطلحة ابنه محمد يذبون عنه، بحيث خرج الحسن وانصبغ بالدم، وآخر الحال أنهم تسوروا على عثمان من دار لزق داره، ونزل عليه جماعة فيهم محمد بن أبي بكر فقتلوه. وكان عثمان رضي الله عنه حين قتل صائماً يتلو في المصحف، وكان مقتله لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً.

واختلف في عمره، فقيل خمس وسبعون، وقيل اثنتان وثمانون، وقيل تسعون، وقيل غير ذلك، ومكث ثلاثة أيام لم يدفن، لأن المحاربين له منعوا من ذلك، ثم أمر علي بدفنه، وكان عثمان معتدل القامة، حسن الوجه، بوجهه أثر جدري، عظيم اللحية، أسمر اللون، أصلع يصفر لحيته، وتزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسبب ذلك قيل له ذو النورين، وكان كاتبه مروان بن الحكم بن العاص ابن عمه، وقاضيه زيد بن ثابت.

وأما فضائله: فإِنه الذي جهز جيش العسرة بجملة من المال، وكان قد أصاب الناس مجاعة في غزوة تبوك، فاشترى عثمان طعاماً يصلح العسكر، وجهز به عيراً.

فلما وصل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يده إِلى السماء وقال: " اللهم إِني قد رضيت عن عثمان، فارضَ عنه "، وروى الشعبي أن عثمان دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه عليه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف لا أستحي ممن تستحي منه الملائكة "، وانفتح بقتل عثمان باب الشر والفتن.

[أخبار علي بن أبي طالب]

رضي الله عنه

واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهو هاشمي ابن هاشميين، بويع بالخلافة يوم قتل عثمان، وقد اختلف في كيفية بيعته، فقيل: اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم طلحة

<<  <  ج: ص:  >  >>