للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله بن عمر قد قدم من المدينة، فدعوه إِلى المسير معهم فامتنع، وساروا، وأعطى يعلى بن منبه عائشة الجمل المسمى بعسكر، اشتراه بمائة دينار، وقيل بثمانين ديناراً، فركبته، وضربوا في طريقهم مكاناً يقال له الحوأب فنبحتهم كلابه، فقالت عائشة: أي ماء هو هذا؟ فقيل: هذا ماء الحوأب، فصرخت عائشة بأعلى صوتها وقالت: إِنّا لله وإنا إِليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه: " ليت شعري أيتّكن ينبحها كلاب الحوأب "، ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته وقالت: ردوني، أنا والله صاحبة ماء الحوأب، فأناخوا يوماً وليله، وقال لها عبد الله بن الزبير إِنه كذب، يعني ليس هذا ماء الحوأب، ولم يزل بها وهي تمتنع، فقال لها: النجاء النجاء فقد أدرككم علي بن أبي طالب، فارتحلوا نحو البصرة، فاستولوا عليها بعد قتال مع عثمان بن حنيف، فقتل من أصحاب عثمان بن حنيف أربعون رجلاً، وأُمسك عثمان بن حنيف، فنتفت لحيته وحواجبه، وسجن ثم أطلقته.

[مسيرة علي إلى البصرة]

ولما بلغ علياً مسير عائشة وطلحة والزبير إِلى البصرة، سار نحوهم في أربعة آلاف من أهل المدينة، فيهم أربع مائة ممن بايع تحت الشجرة، وثمانمائة من الأنصار، ورأته مع ابنه محمد بن الحنفية، وعلى ميمنته الحسن، وعلى ميسرته الحسين، وعلى الخيل عمار بن ياسر، وعلى الرجالة محمد بن أبي بكر الصديق، وعلى مقدمته عبد الله بن العباس.

وكان مسيره في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين، ولمّا وصل علي إِلى ذي قار، أتاه عثمان بنٍ حنيف وقال له: يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية، وجئتك أمرد. فقال أصبت أجراً وخيراً، وقال علي: إِن الناس وليهم قبلي رجلان، فعملا بالكتاب والسنة، ثم وليهم ثالث، فقالوا في حقه وفعلوا، ثم بايعوني وبايعني طلحة والزبير ثم نكثا، ومن العجب انقيادهما لأبي بكر وعمر وعثمان، وخلافهما علي، والله إِنهما يعلمان أني لست بدون رجل ممن تقدم.

[وقعة الجمل]

واجتمع إِلى علي من أهل الكوفة جمع، واجتمع إلى عائشة وطلحة والزبير جمع، وسار بعضهم إلى بعض، فالتقوا بمكان يقال له الخريبة في النصف من جمادى الآخرة، من هذه السنة، ودعي على الزبير إِلى الاجتماع به، فاجتمع به، فذكره علي وقال: أتذكر يوماً مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني غنم، فنظر إِلي فضحكت وضحك إِليّ فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زَهوَه. فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنه ليس بِمُزْه ولتقاتلنه وأنت ظالم له " فقال الزبير: اللهم نعم، ولو ذكرته ما سرت مسيري هذا. فقيل إنه اعتزل القتال، وقيل بل غيره ولده عبد الله، وقال خفت من رايات ابن أبي طالب. فقال الزبير إِني حلفت أن لا أقاتله. فقال له

<<  <  ج: ص:  >  >>