للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتل مرداويج بن زيار

في هذه السنة قتل مرداويج الديلمي، صاحب بلاد الجبل وغيرها وسبب ذلك: أنه لما كان ليلة الميلاد، من هذه السنة، أمر بأن تجمع الأحطاب وتلبس الجبال والتلال، وخرج إِلى ظاهر أصفهان لذلك، وجمع ما يزيد عن ألفي طائر من الغربان، ليعمل في أرجلها النفط، ليشعل ذلك كله ليلة الميلاد، وأمر بعمل سماط عظيم، فيه ألف فرس، وألفا رأس بقر، ومن الغنم والحلوى شيء كثير، فلما استوى ذلك ورآه، استحقره وغضب على أهل دولته، وكان كثير الإِساءة إِلى الأتراك الذين في خدمته، فلما انقضى السماط، وإيقاد النيران، وأصبح ليدخل إِلى أصفهان، اجتمعت الجند المخدمة، وكثرت الخيل حول خيمته، فصار للخيل صهيل وغلبة حتى سمعها فاغتاظ، وقال: لمن هذه الخيل القريبة؟ فقالوا للأتراك. فأمر أن توضع سروجها على ظهور الأتراك، وأن يدخلوا البلد. كذلك، ففعل بهم ذلك فكان له منظر قبيح استقبحه الديلم والترك، فازداد حنق الأتراك عليه، ورحل مرداويج إلى أصفهان وهو غضبان، فأمر صاحب حرسه أن لا يتبعه في ذلك اليوم، ولم يأمر أحداً غيره ليجمع الحرس، ودخل الحمام، فانتهزت الأتراك الفرصة، وقتلوه في الحمام، وكان مرداويج قد تجبر وعتا، وعمل لأصحابه كراسي فضة يجلسون عليها، وعمل لنفسه تاجاً مرصعاً على صفه تاج كسرى، ولما قُتل قام بالأمر بعده أخوه وشمكير بن زيار.

فتنة الحنابلة ببغداد وفيها عظم أمر الحنابلة على الناس، وصاروا يكبسون دور القواد والعامة فإن وجدوا نبيذاً أراقوه، وإن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة الغناء، واعترضوا في البيع والشراء، وفي مشي الرجال مع الصبيان، ونحو ذلك، فنهاهم صاحب الشرطة عن ذلك، وأمر أن لا يصلي منهم إِمام إِلا إِذا جهر ببسم الله الرحمن الرحيم فلم يفد فيهم، فكتب الراضي توقيعاً ينهاهم فيه، ويوبخهم باعتقاد التشبيه، فمنه: إنكم تارة تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين، وهيئتكم على هيئته، وتذكرون له الشعر القطط، والصعود إلى السماء، والنزول إلى الدنيا، وعدد فيه قبائح مذهبهم، وفي آخره أن أمير المؤمنين يقسم قسماً عظيماً، لئن لم تنتهوا، ليستعملن السيوف في رقابكم، والنار في منازلكم ومحالكم.

ولاية الأخشيدية مصر وفي هذه السنة، تولى الأخشيدية وهو محمد بن طفج بن جف، مصر، من جهة الراضي. وكان الأخشيد المذكور قبل ذلك، قد تولى مدينة الرملة سنة ست عشرة وثلاثمائة من جهة المقتدر، وأقام بها إلى سنة ثمان عشرة وثلاثمائة فوردت إليه كتب المقتدر بولايته دمشق،

<<  <  ج: ص:  >  >>