للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلقب بالمتأيد، واستقر بمالقة حتى توفي في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ثم ملك بعده أخوه القاسم بن محمد ابن عم إدريس المذكور، وبقي القاسم مدة، ثم ترك الملك وتزهد، فملك بعده الحسن بن يحيى ابن علي بن حمود، وتلقب الحسن المذكور بالمستنصر، وبقي في الملك حتى توفي، ولم يقع لي تاريخ وفاته، ثم ملك بعد الحسن المذكور أخوه إدريس بن يحيى، وتلقب بالعالي، وكان العالي المذكور، فاسد التدبير، وكان يدخل الأراذل على حريمه، ولا يخببهن منهم، وسلك نحو ذلك من السلوك، فخلعه الناس وبايعوا ابن عمه محمد بن إدريس بن علي بن حمود، فاستقر محمد المذكور في الملك، وتلقب بالمهدي، وأسمك ابن عمه العالي وسجنه، وبقي محمد المهدي المذكور حتى توفي في سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وكان المهدي المذكور آخر من ملك منهم تلك البلاد، وانقرضت دولتهم في السنة المذكورة، أعني سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وقيل بل إن العامة أخرجوا العالي بعد موت محمد المهدي وملكوه، فلما مات انقرضت دولتهم، وفي أيام خلافة المهدي محمد بن إدريس المذكور، قام من بني عمه شخص اسمه محمد بن القاسم بن حمود، بالجزيرة الخضراء، وتلقب محمد بن القاسم المذكور بالمهدي أيضاً، واجتمعت عليه البرابر، ثم افترقوا عنه فمات بعد أيام يسيره، وقيل مات غماً، ولما مات محمد بن القاسم المذكور بن حمود، وهو آخر من ملك منهم الجزيرة الخضراء، انقرضت ملوكهم. وفي هذه السنة أعني سنة سبع وعشرين وأربعمائة، توفي رافع بن الحسين بن معن، وكان حازماً شجاعاً، وكانت يده مقطوعة، قطعت غلطاً في عربدة على الشرب، وله شعر حسن، فمنه:

لها ريقة أستغفر الله إنها ... ألذ وأشهى في النفوس من الخمر

وصارم طرف لا يزايل جفنه ... ولم أر سيفاً قط في جفنه يفري

فقلت لها والعين تحدج بالضحى ... أعدي لفقدي ما استطعت من الصبر

أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا وصل وتحسب من عمري

وفيها وقيل في سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، توفي أبو إسحاق الشيخ أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ويقال الثعالبي، وكان أوحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء عليهم السلام، وله غير ذلك، وروى عن جماعة، وهو صحيح النقل.

ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. فيها توفي أبو القاسم علي بن الحسين بن مكرم، صاحب عمان، وقام ابنه مقامه. وفيها توفي مهيار الشاعر وكان مجوسياً، فأسلم سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وصحب الشريف الرضي، فقال له أبو القاسم بن برهان: يا مهيار قد انتقلت بإسلامك في النار من زاوية إلى زاوية، فقال: كيف. قال: لأنك كنت مجوسياً، فصرت تسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شعرك، فمن شعره من جملة قصيدة يذم فيها العرب، قبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>