للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعمائة، فثار به أهل صقلية وحصروه بقصره لسوء سيرته، وكان أبو يوسف حينئذ حياً، مفلوجاً فخرج، إلى أهل صقلية في محفة فبكوا عليه وشكوا ابنه جعفر، وسألوا أن يولي عليهم ابنه أحمد، المعروف بالأكحل، ففعل يوسف ذلك، ثم سير يوسف ابنه جعفر إلى مصر، وسار هو بعده، ومعهما أموال جليلة، وكان ليوسف المذكور من الدواب أربعة عشر ألف حجرة سوى البغال وغيرها، واستمر الأكحل في صقلية، وأحسن السيرة، وبث السرايا في بلاد الكفار، وأطاعه جميع قلاع صقلية وبلادها التي للمسلمين.

ثم حصل بين الأكحل وبين أهل صقلية وحشة، فسار بعض أهل صقلية إلى إفريقية، إلى المعز ابن باديس فأرسل المعز بن باديس إلى صقلية جيشاً مع ابنه عبد الله بن المعز بن باديس في سنة سبع وعشرين وأربعمائة، فحصروا الأكحل في الخالصة وقتل الأكحل في الحصار.

ثم إن أهل صقلية كرهوا عسكر المعز، فقاتلوهم، فانهزم عسكر المعز وابنه عبد الله وقتل منهم ثمانمائة رجل، ورجعوا في المراكب إلى إفريقية وولى أهل صقلية عليهم أخا الأكحل واسمه الصمصام بن يوسف، واضطربت أحوال أهل صقلية عند ذلك واستولى الأراذل، ثم أخرجوا الصمصام وانفرد كل إنسان ببلد، فانفرد القائد عبد الله بن منكوت بمازر وطرابنش وغيرهما، وانفرد القائد علي بن نعمة المعروف بابن الحواش بقصريانة وجرجنت وغيرهما، وانفرد ابن التمنة بمدينة سيرقوس وقطانية، فوقع بينهم، واستنصر ابن التمنة بالفرنج الذين بمدينة مالطة، واسم ملكهم رجار، وهون عليهم أمر المسلمين، فسار الفرنج وابن التمنة إلى البلاد التي بأيدي المسلمين، في سنة أربع وأربعين وأربعمائة واستولوا على مواضع كثيرة من الجزيرة، وفارق الجزيرة حينئذ خلق كثير من أهلها من العلماء والصالحين، وسار جماعة إلى المعز بن باديس إلى إفريقية. ثم استولى الفرنج على غالب بلاد صقلية وحصونها، وليس لهم مانع، ولم يثبت بين أيديهم غير قصريانة وجرجنت وحصرهما الفرنج، وطال الحصار عليهما حتى أكل أهلهما الميتة، فسلم أهل جرجنت أولاً وبقيت قصريانة بعدها ثلاث سنين، ثم أذعنوا، وملك رجار جميع الجزيرة في هذه السنة، أعني سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ثم مات رجار قبل سنة تسعين، وتولى بعده ولده وسلك طريقة ملوك المسلمين من الجنائب والحجاب والجاندارية وغير ذلك، وأسكن في الجزيرة الفرنج مع المسلمين، وأكرم المسلمين ومنع من التعدي عليهم وقربهم.

وصول السلطان ملكشاه إلى بغداد في هذه السنة في رمضان، وصل السلطان ملكشاه إلى بغداد، ووصل إليه أخوه تنش من دمشق، وأقسنقر من حلب، ووصل إليه غيرهما من زعماء الأطراف وعمل الميلاد ببغداد، واحتفل له الناس احتفالاً عظيماً، وأكثر الشعراء من وصف تلك الليلة. وفي هذه السنة أمر ملكشاه بعمل الجامع المعروف بجامع السلطان ببغداد، وعمل قبلته بهرام منجمه،

<<  <  ج: ص:  >  >>