للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر غير ذلك من الحوادث]

في هذه السنة اجتمعت التراكمين وقصدوا طرابلس، فخرج من بها من الفرنج إليهم واقتتلوا، فانهزم الفرنج وسار القومص صاحب طرابلس ومن في صحبته، فانحصروا في حصن بعرين وحصرهم التركمان بها، ثم هرب القومص من الحصن في عشرين فارساً، وخلى بحصن بعرين من يحفظه ثم جمع الفرنج وقصدوا التركمان، ليرحلوهم عن بعرين، فاقتتلوا فانحاز الفرنج إلى نحور فنية وعاد التركمان عنهم.

وفيها اشترى الإسماعلية حصن القدموس من صاحبه ابن عمرون. وفيها وفي ربيع الآخر، وثب على شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق، بعض مماليك جده طغتكين، فضربه بسيف فلم يعمل فيه، وتكاثر على ذلك الشخص مماليك شمس الملوك فقبضوه، وقرره شمس الملوك فقال ما أردت إلا إراحة المسلمين من شرك وظلمك، ثم أقر على جماعة من شدة الضرب، فقتلهم من غير تحقيق، وقتل شمس الملوك إسماعيل أيضاً مع ذلك الشخص أخاه سونج بن توري، الذي كان بحماة وأسره زنكي، على ما تقدم ذكره في سنة ثلاثة وعشرين وخمسمائة، فعظم ذلك على الناس ونفروا من شمس الملوك إسماعيل المذكور.

وفيها توفي علي بن يعلي بن عوض الهروي، وكان واعظاً، وله بخراسان قبول كثير، وسمع الحديث فأكثر. وفيها توفي أبو فليتة أمير مكة، وولي إمارة مكة بعده أبو القاسم.

ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.

فيها في المحرم سار شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق إلى حصن الشقيق، وكان بيد الضحاك بن جندل، رئيس وادي التيم، قد تغلب عليه وامتنع به، فأخذه شمس الملوك منه، وعظم ذلك على الفرنج، وقصدوا بلد حوران، وجمع شمس الملوك الجموع وناوشهم، ثم أغار على بلادهم من جهة طبرية، ففت ذلك في أعضاد الفرنج؛ ورحلوا عائدين إلى بلادهم، ثم وقعت الهدنة بينهم وبين شمس الملوك.

وفي هذه السنة استولى عماد الدين زنكي على جميع قلاع الأكراد الحميدية، منها قلعة العقير، قلعة شوش وغيرهما ثم استولى على قلاع الهكارية وكواشي.

وفيها أوقع ابن دانشمند صاحب ملطية بالفرنج الذين بالشام، فقتل كثيراً منهم. وفيها اصطلح الخليفة المسترشد وعماد الدين زنكي.

ثم دخلت سنة تسمع وعشرين وخمسمائة.

فيها مات السلطان طغريل ابن السلطان محمد، وكان بعد هزيمته من أخيه مسعود، قد استولى على بلاد الجبل فمات في هذه السنة في المحرم، وقيل إن وفاته كانت في أول سنة ثمان وعشرين، وهو الأصح في ظني، وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة في المحرم أيضاً وكان خيراً عاقلاً، ولما بلغ أخاه مسعوداً خبر وفاته، سار نحو همذان، وأقبلت العساكر جميعاً إليه، واستولى على همذان وطاعته البلاد جميعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>