للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعني سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وبقي ابن مهدي في الملك شهرين وإحدى وعشرين يوماً، ثم مات علي بن مهدي المذكور في السنة التي ملك فيها في شوال، ثم ملك اليمن بعده ولده مهدي بن علي بن مهدي، ولم يقع تاريخ وفاته، ثم ملك اليمن بعده ولده عبد النبي بن مهدي، ثم خرجت المملكة عن عبد النبي المذكور إلى أخيه عبد الله، ثم عادت إلى عبد النبي واستقر فيها حتى سار إليه توران شاه بن أيوب من مصر في سنة تسع وستين وخمسمائة، وفتح اليمن واستقر في ملكه، وأسر عبد النبي المذكور، وهو عبد النبي بن مهدي بن علي بن مهدي الحميري، وهو من ملك اليمن من بني حمير، وكان مذهب علي بن مهدي التكفير بالمعاصي، وقتل من خلف اعتقاده من أهل القبلة واستباحة وطء سباياهم، واسترقاق ذراريهم، وكان حنفي الفروع، وكان أصحابه يعتقدون فيه فوق ما يعتقده الناس في الأنبياء، صلوات الله عليهم، ومن سيرته قتل من شرب ومن سمع الغناء.

ثم دخلت سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

ذكر مسير سليمان شاه إلى همذان

[وما كان منه إلى أن قتل]

مات محمد بن محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان، أرسلت الأمراء وطلبوا عمه سليمان شاه بن محمد بن ملكشاه ليولوه السلطنة، وكان قد اعتقل في الموصل مكرماً، فجهزه قطب الدين مودود بن زنكي، صاحب الموصل، بشيء كثير، وجهاز يليق بالسلطنة، وسار معه زين الدين علي كجك بعسكر الموصل إلى همذان، وأقبلت العساكر إليهم، كل يوم تلقاه طائفة، وأميره ثم تسلطت العساكر عليه ولم يبق له حكم، وكان سليمان فيه تهور وخرق، وكان يدمن شرب الخمر، حتى أنه شرب في رمضان نهاراً، وكان يجمع عنده المساخر، ولا يلتفت إلى الأمراء، فأهمل العسكر أمره، وصاروا لا يحضرون بابه، وكان قد رد جميع الأمور إلى شرف الدين كردبازو الخادم، وهو من مشايخ الخدم السلجوقية، يرجع الأمور إلى دين وحسن تدبير.

فاتفق يوماً أن سليمان شرب بظاهر همذان بالكشك، فحضر إليه كردياز ولامه، فأمر سليمان من عنده من المساخر فعبثوا بكردبازو، حتى أن بعضهم كشف له سوءته، فاتفق كردبازو مع الأمراء على قبضه، وعمل كردبازو دعوة عظيمة، فلما حضرها الملك سليمان في داره، قبض عليه كردبازو وحبسه، وبقي في الحبس مدة، ثم أرسل إليه كردبازو من خنقه، وقيل سقاه سماً؟، فمات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وخمسمائة.

ولما مات سار الدكز في عساكر تزيد على عشرين ألفاً، ومعه أرسلان شاه بن طغريل بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان، ووصل إلى همذان، فلقيه كردبازو وأنزله في دار المملكة، وخطب لأرسلان شاه بالسلطنة، وكان الدكز مزوجاً بأم أرسلان شاه، فولدت للدكز أولاداً منهم: البهلوان محمد، وقزل أرسلان عثمان، أبناء الدكز.

<<  <  ج: ص:  >  >>