للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كوكبوري صاحب حران، ثم سار السلطان إلى الرقة وأخذها من صاحبها قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، فسار ينال إلى عز الدين مسعود صاحب الموصل.

ثم سار صلاح الدين إلى الخابور، وملك قرقيسيا وماكسين وعربان والخابور، واستولى على الخابور جميعه، ثم سار إلى نصيبين وحاصرها، وملك المدينة، ثم ملك القلعة، ثم أقطع نصيبين أميراً كان معه يقال له أبو الهيجاء السمين، ثم سار عن نصيبين وقصد الموصل، وقد استعد صاحبها عز الدين مسعود ومجاهد الدين قيماز للحصار، وشحنوها بالرجال والسلاح، فحصر الموصل وأقام عليها منجنيقاً، فأقاموا عليه من داخل المدينة تسعة مناجنيق، وضايق الموصل، فنزل السلطان صلاح الدين محاذاة باب كندة، ونزل صاحب حصن كيفا على باب الجسر، ونزل تاج الملوك بوري أخو صلاح الدين على باب العمادي، وجرى القتال بينهم، وكان ذلك في شهر رجب من هذه السنة، فلما رأى أن حصارها يطول، رحل عن الموصل إلى سنجار وحاصرها وملكها، واستناب بها سعد الدين بن معين الدين أتز، وكان من أكابر الأمراء وأحسنهم صورة، ومعنى، ثم سار السلطان صلاح الدين إلى حران وعزل في طريقه عن نصيبين أبا الهيجاء السمين.

ذكر غير ذلك من الحوادث

في هذه السنة عمل البرنس صاحب الكرك أسطولاً في بحر إيلة، وساروا في البحر فرقتين، فرقة أقامت على حصن إيلة يحصرونه، وفرقة سارت نحو عيذاب يفسدون في السواحل، وبغتوا المسلمين في تلك النواحي، فإنهم لم يعهدوا بهذا البحر فرنجاً قط، وكان بمصر الملك العادل أبو بكر نائباً عن أخيه السلطان صلاح الدين، فعمر أسطولاً في بحر عيذاب، وأرسله مع حسام الدين الحاجب لؤلؤ، وهو متولي الأسطول بديار مصر، وكان مظفراً فيه، وشجاعاً، فسار لؤلؤ مجداً في طلبهم، وأوقع بالذين يحاصرون إيلة، فقتلهم وأسرهم، ثم سار في طلب الفرقة الثانية، وكانوا قد عزموا على الدخول إلى الحجاز ومكة والمدينة، حرسهما الله تعالى، وسار لؤلؤ يقفو أثرهم، فبلغ رابغ، فأدركهم بساحل الحورا، وتقاتلوا أشد قتال، فظفر الله تعالى بهم، وقتل لؤلؤ أكثرهم، وأخذ الباقين أسرى، وأرسل بعضهم إلى منى لينحروا بها، وعاد بالباقين إلى مصر، فقتلوا عن آخرهم.

وفي هذه السنة توفي عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب، صاحب بعلبك، وكان ينوب عن صلاح الدين بدمشق، وهو ثقته من بين أهله، وكان فرخشاه شجاعاً كريماً فاضلاً، وله شعر جيد، ووصل خبر موته إلى صلاح الدين، وهو في البلاد الجزرية، فأرسل إلى دمشق شمس الدين محمد بن عبد الملك المقدم، ليكون بها، وأقر بعلبك على بهرام شاه بن فرخشاه المذكور.

وفيها توفي أبو العباس أحمد بن علي بن الرفاعي من سواد واسط، وكان صالحاً ذا قبول عظيم عند الناس، وله من

<<  <  ج: ص:  >  >>