للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل يوم بمكاتبات الملك الظاهر، ويرسل صحبتهم مثل غزلان ونحوها، والمغيث يخلع عليهم، حتى نفد ما كان بالخزنة من الخلع، ومن جملة ما كتب إليه في بعض المكاتبات، المملوك ينشد في قدوم مولانا:

خليلي هل أبصرتما أو سمعتما ... بأكرم من مولى تمشى إلى عبد

قال: وكان الخوف في قلب المغيث شديداً من الملك الظاهر.

قال ابن مزهر المذكور: ففاتحني في شيء من ذلك بالليل.

فقلت له: احلف إلي أنك لا تقول للأمجد ما أقوله لك حتى أنصحك، فحلف لي.

فقلت له: اخرج الساعة من تحت الخام، واركب حجرتك النجيلة، ولا يصبح لك الصباح إلا وأنت قد وصلت إلى الكرك، فتعصى فيه، ولا تفكر بأحد.

وقال ابن مزهر: فغافلني وتحدث مع الأمجد في شيء من ذلك.

فقال له الأمجد: هذا رأى ابن مزهر إياك من ذلك.

وسار المغيث حتى وصل إلى بيسان، فركب الملك الظاهر بعساكره والتقاه في يوم السبت السابع والعشرين من جمادى الأولى من هذه السنة، فلما شاهد المغيث الملك الظاهر، ترجل، فمنعه الملك الظاهر وأركبه وساق إلى جانبه، وقد تغير وجه الملك الظاهر، فلما قارب الدهليز، أفرد الملك المغيث عنه وأنزله في خيمة وقبض عليه، وأرسله معتقلاً إلى مصر، فكان آخر العهد به.

قيل أنه حمل إلى امرأة الملك الظاهر بيبرس بقلعة الجبل، فأمرت جواريها فقتلته بالقباقيب، ثم قبض الملك الظاهر على جميع أصحاب المغيث، ومن جملتهم ابن مزهر المذكور، ثم بعد ذلك أفرج عنهم، انتهى كلام ابن مزهر.

ولما التقى الملك الظاهر ببيرس الملك المغيث المذكور وقبض عليه، أحضر الفقهاء والقضاة وأوقفهم على مكاتبات من التتر إلى الملك المغيث، أجوبة عن ما كتب إليهم به في أطماعهم في ملك مصر والشام، وكتب بذلك مشروح، وأثبت على الحكام، وكان للملك المغيث المذكور ولداً يقال له الملك العزيز، أعطاه الملك الظاهر إقطاعاً بديار مصر، وأحسن إليه، ثم جهز الملك الظاهر بدر الدين البيسري الشمسي، وعز الدين أستاذ الدار إلى الكرك، فتسلماها في يوم الخميس الثالث والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، أعني سنة إحدى وستين وستمائة، ثم سار الملك الظاهر ووصل إلى الكرك، ورتب أمورها، ثم عاد إلى الديار المصرية، فوصل إليها في سابع عشر رجب من هذه السنة.

[ذكر الإغارة على عكا وغيرها]

وفي هذه السنة لما كان الملك الظاهر نازلاً على الطور، أرسل عسكراً هدموا كنيسة الناصرة، وهي من أكبر مواطن عبادات النصارى، لأن منها خرج دين النصرانية، وأغاروا على عكا وبلادها، فغنموا وعادوا، ثم ركب الملك الظاهر بنفسه وجماعة اختارهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>