للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت طاعته، ثم هجموا عليه بغتة وقتلوه غيلة. وفي ذلك يقول ابنه امرؤ القيس بن حجر المذكور أبياتاً منها.

بنو أسد قتلوا ربهم ... ألا كل شيء سواه خلل

وكان امرؤ القيس لما سمع بمقتل أبيه بموضع يقال له دمون من أرض اليمن فقال في ذلك:

تطاول الليل على دمون ... دمون أنا معشر يمانون

ثم استنجد امرؤ القيس ببكر وتغلب على بني أسد فأنجدوه، وهربت بنو أسد منهم، وتبعهم فلم يظفر بهم، ثم تخاذلت عنه بكر وتغلب، وتطلبه المنذر بن ماء السماء فتفرقت جموع امرئ القيس خوفاً من المنذر، وخاف امرؤ القيس من المنذر، وصار يدخل على قبائل العرب، وينتقل من أناس إِلى أناس، حتى قصد السموءل بن عادياء اليهودي، فأكرمه وأنزله، وأقام امرؤ القيس عند السموءل ما شاء اللهُ، ثم سار امرؤ القيس إِلى قيصر ملك الروم مستنجداً به، وأودع أدراعه عند السموءل بن عادياء المذكور، ومرّ على حماة وشيزر، وقال في مسيرة قصيدته المشهورة التي منها:

سمالك شوق بعد ما كان أقصرا

ومنها:

تقطع أسباب اللبابة والهوى ... عشية جاوزنا حماة وشيزرا

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... والحق أنا لاحقان بقيصرا

فقلت له لا تبك عينيك إِنما ... نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا

وكان بامرئ القيس قرحة قد طالت به، وفي ذلك يقول أبياته التي منها:

وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة ... لعل منايانا تحولن أبؤسا

فمات امرؤ القيس بعد عوده من عند قيصر في بلاد الروم، عند جبل يقال له عسيب. ولما علم بموته هناك قال:

أجارتنا إِن الخطوب تنوب ... وإني مقيم ما أقام عسيب

وقد قيل أن ملك الروم سمه في حلة - وهو عندي من الخرافات - ولما مات امرؤ القيس، سار الحارث بن أبي شمر الغساني إلى السموءل وطالبه بأدرع امرئ القيس، وماله عنده، وكانت الأدراع مائة، وكان الحارث قد أسر ابن السموءل فلما امتنع السموءل من تسليم ذلك إِلى الحارث، قال الحارث: إِمّا أن تسلّم الأدراع، وإِما قتلت ابنك، فأبى السموءل أن يسلمّ الأدراع، وقتل ابنه قدامه فقال السموءل في ذلك أبياتاً منها:

وفيت بأدرع الكندي إِني ... إِذا ما ذم أقوام وفيت

وأوصى عادياء يوماً بأن لا ... تهدم يا سموءل ما بنيت

وقد ذكر الأعشى هذه الحادثة فقال:

كن كالسموءل إِذ طاف الهمام به ... في جحفل كسواد الليل جرار

<<  <  ج: ص:  >  >>