للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر تجريد العساكر إلى حلب

ودخولهم إلى بلاد سيس وعودهم إلى حلب، ثم دخلولهم ثانياً، وما فتحوه:

في هذه السنة جرد حسام الدين لاجين، الملقب بالملك المنصور، جيشاً كثيفاً من الديار المصرية مع بدر الدين بكناش الفخري، المعروف بأمير سلاح، ومع علم الدين سنجر الدواداري، ومع شمس الدين كريته، ومع حسام الدين لاجين الرومي، المعروف بالحسام، أستاذ دار. فساروا إلى الشام، ورسم لاجين المذكور بمسير عساكر الشام، فسار البكي الظاهري نائب السلطنة بصفد، ثم بعد مدة سار سيف الدين قبجق نائب للسلطنة بالشام، وأقام قبجق ببعض العسكر بحمص، وسارت العساكر إلى حلب، وسار الملك المظفر محمود صاحب حماة بعسكره، ووصل المذكورون إلى حلب يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى الآخرة، وسابع نيسان، ثم ساروا إلى بلاد سيس، فعبر صاحب حماة، والدواداري، ومن معهما من العساكر، من دربندمري، وعبر باقي العساكر من جهة بغراس، من باب إسكندرونة، واجتمعوا على نهر جيحان، وشنوا الغارات على بلاد سيس في العشر الأوسط من رجب، وكسبوا وغنموا، وعادوا فخرجوا من دربند بغراس إلى مرج أنطاكية، في الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة، الموافق لرابع أيار. وسار صاحب حماة الملك المظفر إلى جهة حماة حتى وصل إلى قصطون، فورد مرسوم لاجين بعود العساكر، واجتماعهم بحلب، ودخلوهم إلى بلاد سيس ثانياً.

وهذه الغزوة من الغزوات التي حضرتها وشاهدتها من أولها إلى آخرها، فعدنا إلى حلب ووصلنا إليها في يوم الأحد الثامن والعشرين من رجب، وأقمنا، ثم رحلنا من حلب ثالث رمضان إلى بلاد سيس، ودخلنا من باب إسكندرونة، نزلنا على حموص يوم الجمعة تاسع رمضان من هذه السنة، الموافق للعشرين من حزيران، وأقام حموص، بدر الدين بكناش أمير سلاح، والملك المظفر صاحب حماة، ومن انضم إليهما من عسكر دمشق، مثل ركن الدين بيبرس العجمي، المعروف بالجالق، ومضافيه من عسكر دمشق، وحاصرنا حموص وضايقناها، وأما باقي العسكر فإنهم نزلوا أسفل من حموص، في الوطاة، واستمر الحال على ذلك، وقل الماء في حموص واشتد بهم العطش، وكان قد اجتمع فيها من الأرمن عالم عظيم ليعتصموا بها، وكذلك اجتمع فيها من الدواب شيء كثير، فهلك غالبهم بالعطش، ولما اشتد بهم الحال وهلكت النساء والأطفال، أخرج أهل حموص في الخامس والعشرين من رمضان، وهو سابع عشر يوماً من نزولنا عليها، من نسائهم نحو ألف ومائتين من النساء والصبيان، فتقاسمهم العسكر وغنموهم، فكان قسمي جاريتين ومملوكاً، وأصابنا ونحن نازلون على حموص في العشر الأوسط من شهر تموز، ضباب قوي، ومطر، وحصل للملك المظفر وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>