للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم.

ثم رسم لي بالعود إلى بلدي، فخرجت من القاهرة يوم الثلاثاء الثاني من جمادى الأولى من هذه السنة، وسرت إلى دمشق، وكان قد وصل إليها الأمير سيف الدين تنكز الناصري نائباً، واستقر في نيابة السلطنة بها، بعد جمال الدين أقوش الذي كان نائباً بالكرك، وأحسن الأمير المذكور إلي وتلقاني بالإكرام، ووصلت إلى حماة، واجتمع الناس، وقرئ التقليد الشريف عليهم، في يوم الاثنين، الثاني والعشرين من جمادى الأولى، الموافق للخامس والعشرين من أيلول.

ولما وصلت إلى حماة، كان قد سافر الأمراء الغرباء إلى حلب، فإني لما كنت بالأبواب الشريفة، استخبرني مولانا السلطان عن أحوالي وما أشكو منه فلم أفصح له بشيء، فاطلع بعلمه الشريف، وحدة ذهنه، وقوة فراسته، على تقلقي من الأمراء المماليك السلطانية المقيمين بحماة، فإنهم استجدوا بحماة لما خرجت من البيت التقوي الأيوبي، فاطلع السلطان على تعبي معهم وأنهم ربما لا يكونون وفق غرضي، فاقتضى مرسومه الشريف نقلهم إلى حلب، واستمرار إقطاعاتهم التي كانت لهم بحماة عليهم، إلى أن يتجلى ما يعوضهم به، فتقدم مرسومه إليهم بذلك، ووصل إليهم المرسوم على البريد بتوجههم إلى حلب، قبل وصولي إلى حماة بأيام يسيرة، فحال وصول المرسوم خرجوا من حماة عن آخرهم، ولم يبيتوا بها، وانتقلوا بأهلهم وجندهم، وكانوا نحو أربعة عشر أميراً، بعضهم بطبلخاناه، وبعضم أمراء عشرات، ووصلت إلى حماة ولم يبق غير من اخترت مقامه عندي، وكان هذا من أعظم النفقة والصدقة.

ذكر تجريد العسكر إلى حلب

ووصول العدو ومنازلة الرحبة

وفي هذه السنة، في يوم السبت سابع عشر رجب، خرجت من حماة بعساكر حماة، ودخلت حلب في يوم السبت الآخر، الرابع والعشرين من رجب المذكور، وأقمت بها، وكان النائب بها الأمير سيف الدين سودي، ثم وصل بعض عسكر دمشق مع سيف الدين بهادراص، وقويت أخبار التتر، وجفل أهل حلب وبلادها، ثم وصلت التتر إلى بلاد سيس، وكذلك وصلوا إلى الفرات، فعندها رحل الأمير سيف الدين سودي وجميع العساكر المجردة من حلب، في يوم الخميس ثامن رمضان، في هذه السنة، ووصلنا إلى حماة في يوم السبت سابع عشر رمضان المذكور، وكان خربندا نازل الرحبة بجموع المغل، في آخر شعبان من هذه السنة، الموافق لأواخر كانون الأول، وأقام سيف الدين سودي بعسكر حلب وغيره من العساكر المجردة بظاهر حلب، ونزل بعضهم في الخانات، وكان البرد شديداً والجفال قد ملأه المدينة، واستمرينا مقيمين بحماة، وكشافتنا تصل إلى عرض والسخنة، وتعود إلينا بأخبار المخذول، واستمر خربندا محاصراً للرحبة، وأقام عليها المجانيق، وأخذ فيها النقوب، ومعه قراسنقر والأفرم، ومن معهما، وكانا قد

<<  <  ج: ص:  >  >>