للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إِنهم من ولد يافث، والفرس يقولون: إِنهم من ولد كيومرت، وكيومرت عندهم هو الذي ابتدأ منه النسل مثل آدم عندنا، ويذكرون أن الملك لم يزل فيهم من كيومرت، وهو آدم إِلى غلبة الإسلام، خلا تقطع حصل في مدد يسيرة لا يعتد به، مثل تغلب الضحاك وفراسياب التركي.

وملوك الفرس عند الأمم أعظم ملوك العالم، وكان لهم العقول الوافرة والأحلام الراجحة، وكان لهم منٍ ترتيب المملكة ما لم يلحقهم فيه أحد من الملوك، وكانوا يولون ساقط البيت شيئاً من أمور الخاصة.

والفرس فرق كثيرة، فمنهم الديلم، وهم سكان الجبال، ومنهم الجيل وهم يسكنون الوطاة التي لجبال الديلم، وأرضهم هي ساحل بحر طبرستان. ومنهم الكرد، ومنازلهم جبال شهرزور، وقيل: إِن الكرد من العرب، ثم تنبطوا. وقيل: إِنهم أعراب العجم.

وكان للفرس ملة قديمة، وكان يقال للدائنين بها الكيومرتية أثبتوا إِلهاً قديماً وسموه يزدان، وإلهاً مخلوقاً من الظلمة محدثاً، وسموه أهرمن.

ويزدان عندهم هو الله تعالى، وأهرمن هو إِبليس، وكان أصل دينهم مبنياً على تعظيم النور، وهو يزدان، والتحرز من الظلمة وهو أهرمن، ولما عظموا النور عبدوا النيران، وكان الفرس على ذلك حتى ظهر زرادشت.

وكان على أيام بشتاسف فقبل دينه ودخل فيه، ثم صارت الفرس على دينه، وذكر لهم زرادشت كتاباً زعم أن الله تعالى أنزله عليه، وزرادشت من أهل قرية من قرى أذربيجان، ولهم في خلق زرادشت وولادته كلام طويل لا فائدة فيه، فأضربنا عنه، وقال زرادشت بإله يسمى أرمزد بالفارسي وأنه خالق النور والظلمة ومبدعهما، وهو واحد لا شريك له، وأن الخير والشر والصلاح والفساد إِنما حصل من امتزاج النور بالظلمة، ولو لم يمتزجا لما كان وجود للعالم، ولا يزال المزاج حتى يغلب النور الظلمة، ثم يتخلص الخير إِلى عالمه والشر إِلى عالمه، وقُبْلَة زرادشت إِلى المشرق، حيث مطلع الأنوار.

وللفرس أعياد ورسوم فمنها النوروز، وهو اليوم الأول من فروردينماه، واسمه يوم جديد، لكونه غرة الحول الجديد، وبعده أيام خمسة كلها أعياد، ومن أعيادهم التيركان، وهو ثالث عشر تيرماه، ولما وافق اسم اليوم الثالث عشر اسم شهره صار ذلك اليوم عيداً، وهكذا كل يوم يوافق اسمه اسم شهره فهو عيد، ومنها المهرجان وهو سادس عشَر مهرماه، وفيه زعموا أن أفريدون ظفر بالساحر الضحاك بيوراسب، وحبسه في جبل دنياوند، ومنها الفروردجان وهو الأيام الخمسة الأخيرة من أبان ماه، يضع المجوس فيها الأطعمة والأشربة لأرواح موتاهم، على زعمهم، ومنها ركوب الكوسج وهو أنه كان يأتي في أول فصل الربيع رجل كوسج راكب حماراً، وهو قابض على غراب، وهو يتروّح بمروحة ويودع الشتاء، وله ضريبة يأخذها، ومتى وجد بعد ذلك اليوم ضرب، ومنها الذق وهو العاشر من بهسنماه، وليلته، وتوقد في ليلته النيران، ويضرب حولها. ومنها الكنبهارات وهي أقسام لأيام السنة مختلفة في أول كل قسم منها

<<  <  ج: ص:  >  >>