للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سار من الشام، وقدم على ابنه إسماعيل بمكة وقال: يا إسماعيل، إن الله تعالى أمرني أن ابني له بيتاً، فقال إسماعيل: أطع ربك، فقال إبراهيم: وقد أمرك أن تعينني عليه قال: إذن أفعل.

فقام إسماعيل معه وجعل إبراهيم يبنيه، وإسماعيل يناوله الحجارة، وكانا كلما بنيا دعوا فقالا " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " " البقرة: ١٢٧ " وكان وقوف إبراهيم على حجر وهو يبني، وذلك الموضع هو مقام إبراهيم، واستمر البيت على ما بناه إبراهيم؛ إلى أن هدمته قريش سنة خمس وثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنوه.

وكان بناء الكعبة بعد مضي مائة سنة ونحو ثلاث وتسعين سنة، وأرسل الله إسماعيل إلى قبائل اليمن، وإلى العماليق، وزوج إسماعيل ابنته من ابن أخيه العيص بن إسحاق، وعاش إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين سنة، ومات بمكة ودفن عند قبر أمه هاجر بالحجر وكانت وفاة إسماعيل بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان وأربعين سنة.

[ذكر إسحاق بن إبراهيم]

عليهما السلام

قد تقدم مولد إسحاق عند ذكر أبيه، ثم إن إسحاق تزوج بنت عمه، فولدت له العيص ويعقوب، ويقال ليعقوب إسرائيل، ونكح العيص بنت عمه إسماعيل، ورزق منها جملة أولاد، ونكح يعقوب ليا بنت لابان بن بتويل بن ناحور بن آزروالد إبراهيم الخليل، فولدت لياروبيل وهو أكبر أولاد يعقوب، ثم ولدت شمعون ولاوي ويهود، ثم تزوج يعقوب عليها أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، وكذلك ولد ليعقوب من سريتين كانتا له ستة أولاد، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلاً، هم آباء الأسباط، وأقام إسحاق بالشام حتى توفي وعمره مائة وثمانون سنة، ودفن عند أبيه إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما.

وأما أسماء آباء الأسباط الاثني عشر - أولاد يعقوب - فهم: روبيل ثم شمعون ثم لاوي ثم يهوذا ثم يساخر ثم زبولون ثم يوسف ثم بنيامين ثم دان ثم نفتالي ثم كاذ ثم أشار.

[ذكر أيوب]

عليه السلام

وهو رجل عده المؤرخون من أمة الروم، لأنه من ولد العيص وهو أيوب بن موص بن رازح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل.

وكان لأيوب زوجة اسمها رحمة، وكان صاحب أموال عظيمة، وكان لأيوب البثنية جميعها من أعمال دمشق ملكاً، فابتلاه الله تعالى بأن أذهب أمواله حتى صار فقيراً، وهو مع ذلك على عبادته وشكره، ثم ابتلاه الله تعالى في جسده حتى تجذم ودود، وبقي مرمياً على مزبلة، لا يطيق أحد أن يشم رائحته.

وكانت زوجته رحمة تخدمه وهي صابرة على حاله، فتراءى لها إبليس، وأراها ما ذهب لهم، وقال لها: اسجدي لي لأرد مالكم إليكم، فاستأذنت أيوب، فغضب وحلف ليضربنها مائة ضربة.

ثم إن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>