للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر حريق الدبابة]

وذلك أن العدو كان قد اصطنع دبابة عظيمة هائلة أربع طبقات، الطبقة الأولى من الخشب والثانية من الرصاص والثالثة من الحديد والرابعة من النحاس وكانت تعلو على السور وكان يركب فيها المقاتلة وخاف أهل البلد منها خوفاً عظيماً وحدثتهم نفوسهم بطلب الأمان من العدو وكانوا قد قربوها من السور بحيث لم يبق بينها وبين السور إلا مقدار خمسة أذرع على ما يشاهد برأي العين وأخذ أهل البلد في تولية ضربها بالنفط ليلاً ونهاراً حتى قدر الله تعالى حرقها واشتعال النار فيها وظهر له ذؤابة نار نحو السماء فاشتدت الأصوات بالتهليل والتكبير ورأوا الناس فيها لما ظهرت لها تلك النيران ولقوا جبراً من ذلك الوهن ومحواً لذلك الأثر ونعمة بعد نقمة وإيناساً بعد يأس وكان ذلك يوم غرق البطسة فوقع من المسلمين موقعاً عظيماً وكان مسلياً لحزنهم.

[ذكر وقعات عدة]

ولما كان يوم الجمعة تاسع عشر الشهر زحف العدو على البلد زحفاً عظيماً وضايقوه مضايقة شنيعة وكان قد استقر بيننا وبينهم أنهم متى زحف العدو عليهم ذقوا كؤوسهم فضربوا بكؤوسهم فأجابت كؤوس السلطان وركبت العساكر وضايقهم السلطان من خارج وزحف عليهم حتى هجم المسلمون عليهم في خيامهم فجازوا خنادقهم وأخذوا القدور وما فيها وحضر من الغنيمة المأخوذة من خيامهم شيء عند السلطان وأنا حاضر ولم يزل القتل يعمل حتى أيقن العدو أنه قد هجم عليه فأخذوا يتراجعون عن قتال البلد وشرعوا في قتال العساكر وانتشب الحرب بينهم ولم تزل ناشبة حتى قام قائم الظهيرة وغشي الناس من الحر أمر عظيم من الجانبين وتراجعت الطائفات إلى خيامهم وقد أخذ منهم التعب والحر.

<<  <   >  >>