للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينك مدة أيام يسيرة، من مات منا لحقه صاحبه عن قريب. فلما سمع الملك الظاهر ذلك وجم وقال للأمراء: ما ترون في هذا؟ فلم يمكن أحداً ان يقول شيئاً؛ فقال السلطان: هذا يحبس في مكان لا يسمع له فيه حديث فيكون مثل من قد قبر وهو حي. فقال: الذي يراه مولانا السلطان - يخشاه - فحبسه في مكان مفرد بقلعة الجبل ولم يمكّن أحداً من الدخول إليه إلا من يثق به السلطان غاية الوثوق، ويدخل إليه بالأطعمة الفاخرة والأشربة والفواكه والملابس تغيّر عليه في كل وقت، وكان حبسه في ثاني عشر شوال سنة إحدى وسبعين وست مائة. وتوفي يوم الخميس سادس المحرم أو ليلة الجمعة سابعه، وأخرج يوم الجمعة من سجنه بقلعة الجبل ميتاً، فسلم إلى أهله، فحملوه إلى زاويته المعروفة به بخط جامع الظاهر بالحسينية، فغسل بها، وحمل إلى الجامع المذكور وصلي عليه بعد صلاة الجمعة وأعيد إلى زاويته، ودفن بالتربة التي أنشأها بها، وكان قد نيف على خمسين سنة. وكان الملك الظاهر لما دخل دمشق بعد عوده من الروم قد كتب على البريد بالإفراج عنه، فوصل البريد بعد موته رحمه الله. وكان الملك الظاهر رحمه الله قد بنى له زاوية بالحسينية على الخليج محاذية لأرض الطبالة ووقف عليها أحكار الجبي في السنة منها ثلاثين ألف درهم نقرة، وبني له بالمقدس زاوية وبجبل المزة ظاهر دمشق زاوية وبظاهر بعلبك زاوية وبحماة زاوية وبحمص زاوية، وفي جميعها فقراء وعليهم الأوقاف، وصرفه في المملكة يحكم ولا يحكم عليه، ولا يخالف أمره في جليل ولا حقير، ويتقي جانبه الخاص

<<  <  ج: ص:  >  >>