للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عناية الله تعالى بهم أن ثبت قلوبهم ومكنهم من فتح خيبر وأنزل سورة الفتح مبيناً فيها حكم ذلك الصلح وفوائده وامتن بذلك على رسوله وعليهم بقوله {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} إلى قوله {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليماً حكيما} فهذه سكينة خاصة بالمؤمنين، بَيَّنَ حكمتها العليم الحكيم وفيها إشارة إلى جنود الملائكة لا تصريح.

ثم قال بعد ما تقدمت الإشارة إليه من حِكَم ذلك الصلح، وما أعقبه من الفتح {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما} . (١)

الأشهر في تفسير هذه الحمية أنها ما أباه المشركون في كتاب الصلح من بدئه بكلمة بسم الله الرحمن الرحيم ومن وصف محمد صلى الله عليه وسلم فيه برسول الله (٢) وتعصبهم لما كان من عادة الجاهلية، وهو باسمك اللهم، وهذا مما ساء رسول الله


(١) بين الله تعالى في هذه الآية أنه ألزم الصحابة رضي الله عنهم كلمة التقوى، وأكثر المفسرين أن المراد بكلمة التقوى هي (لا إله إلا الله) وبين أنهم أحق بها من كفار قريش، وأنهم كانوا أهلها في علم الله لأن الله تعالى اختار لدينه وصحبة نبيه أهل الخير. وانظر: تفسير الطبري (٢٦/١٠٣-١٠٦) .
(٢) كما في صحيح البخاري (٢٧٣١ و٢٧٣٢) من حديث عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه ومروان: ((وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>