للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

) الأمر الثاني) بث مذهب الشيعة بين أهل السنة وترجيحه على مذهب السنة، وجعل مسألة متعة النكاح حجة على هذا الترجيح، فأطال فيها بغير طائل.

أرسلت إليَّ هذه الرسالة عقب صدورها فلم أشأ أن أرد على أباطيلها لسببين:

(أحدهما) مخالفة ذلك لخطتي في التأليف بين فرق المسلمين؛ لأن المجادلات في الانتصار للمذاهب تذكي نار التعصب والشقاق بين أهلها.

(وثانيهما) أن صاحبها لا يستحق أن يرد على مثله؛ لأنه لا يطلب الحق في المناظرة كما هو شأن المقلدين، ولا سيما المتعصبين الغلاة مثله، فمناظرتهم تضر ضررًا لا يقابله منفعة استبانة الحق لهم فيرجى رجوعهم إليه.

وكيف يرد مثلنا من المستقلين ودعاة التأليف على من يستدل على صحة المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (النساء: ٢٤) (١)

فيزعم أن لفظ الأجور لا يصح أن


(١) بعد أن ذكر جل وعلا المحرمات من النساء جاءت هذه الآية، فقال تعالى {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} فالآية تتحدث عن وجوب المهر وفريضته في النكاح الشرعي الصحيح وهو الدائم - وليس المؤقت - وتبين أن ذلك الوجوب يقع بمجرد حصول الاستمتاع بالمرأة أي كالجماع ونحو ذلك، وتفسير لفظ (استمتعتم) في الآية بنكاح المتعة ليس له استناد إلا الظن وما تهواه الأنفس باتباع المتشابه.
ومما يُبطل الاستدلال بهذه الآية على إباحة المتعة: قوله تعالى {محصنين} فإن مجيزي نكاح المتعة من الاثنا عشرية أنفسهم يقولون إن نكاح المتعة لا يحصن، ويروون عن أبي عبد الله (ع) في رجل يتزوج المتعة أتحصنه؟ قال: ((لا إنما ذاك على الشيء الدائم عنده)) ، وعنه أيضاً قال: ((لا يرجم الغائب عن أهله ولا المملوك الذي لم يبن بأهله، ولا صاحب المتعة)) . انظر الوسائل ١٨/ ٣٥١-٣٥٥ أبواب حد الزنا باب ٢ باب ثبوت الاحصان الموجب للرجم في الزنا بأن يكون له فرج حرة أو يغدو عليه ويروح بعقد دائم أو ملك يمين مع الدخول وعدم ثبوت الاحصان بالمتعة ...

<<  <  ج: ص:  >  >>