للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السلف في استوائه تعالى على عرشه: إنه استواء يليق بجلاله وَتَنَزُّهِهِ عن مشابهة خلقه، ليس كاستواء الملوك على عروشها، ولا نتحكم بعقولنا بتأويل ذلك كزعم من قالوا: الاستواء بمعنى الاستيلاء مثلا، وستأتي أقوالهم في ذلك.

ذلك بأن مبتدعة التأويل يقيسون الخالق على المخلوق فيزعمون أن المعاني الحقيقية لتلك الصفات الإلهية تستلزم التشبيه الممنوع عقلاً ونقلاً، فوجب إخراج الألفاظ الدالة عليها من مدلولها، وحملها على معانٍ مجازية؛ ليتفق العقل مع النقل، وفاتهم أن تلك المعاني المجازية هي مستعملة في المخلوقات كالمعاني الحقيقية فالذين أَوَّلُوا رحمة الله تعالى بإحسانه إلى خلقه فاتهم أن الإحسان المستعمل في اللغة تعبيرًا عن صفات المخلوقين وأعمالهم مُحَال على الله تعالى أيضًا؛ إذ هو عبارة عن بسط يد بعطاء أو إنقاذ غريق من البحر مثلاً، وهذا لا يكون إلا بحركات الأعضاء فهو يستلزم التشبيه أيضًا.

كما يلزم ذلك متكلمي الأشعرية الذين وافقوا المعتزلة والجهمية

<<  <  ج: ص:  >  >>