للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هجر أمه قبل ذلك بمدة، لما شاع أنها ارتضعت معه. وسكنت به أمه عند قريبهم عز الدين عبد العزيز بن مظفر، بجوار باب سر المارستان ندة، وكان متصوفاً بالنسبة لأقاربه، ولم يزل مبتعداً عن أخيه إلى أن عزل بالهروي فلازم خدمته في سنة العطلة، فراعى له ذلك.

فلما عاد نزل له عن درس التفسير بالظاهرية. ثم ناب عنه فين الحكم فحصلت له إهانة منه بسبب غير مشهور، فتألم وتوجه إلى دمياط. ثم عاد قرب رجوع أخيه من السفر. فتوجه إلى قَطْيَة ليلقاه، فوجده ضعيفاً جداً، فحضر العيد، فأرسل السلطان الظاهر ططر - وذلك أول عيد من سلطنته - للقاضي جلال الدين أن يتشم المشقة، ويخطب بهم في العيد، وإلا فليعين من يصلح للخطبة فعرض ذلك على ولديه، فلم يكن فيهما من جسر على ذلك، فعين أخاه. وكان قد أدمن على الخطبة بمشهد الحسين، حيث أحدث ابن الشّحنة فيه الخطبة بمشهد الحسين، حيث أحدث ابن الشّحنة فيه الخطبة.

فاتفق أنه خطب بالسلطان والعسكر، فأعجبهم جهورية صوته، فاستقر في أنفسهم أنه عالم.

فلما مات القاضي جلال الدين في النصف من شوال، واستقر الشيخ ولي الدين العراقي في القضاء، سعى عليه إلى أن صرف بعد سنة وشهرين من ولايته.

واستقَرّ في قضاء الشافعية في سادس ذي الحجة من سنة ست وعشرين. وأعانه على ذلك قصْرُوه أمير آخور، وابن الكُوَيْز كاتب السر، وقاضي الحنابلة ابن المُغْلأِي، فما كان إلا أن استقر في المنصب، فشمخت نفسه، فرأى غيره منه ما لا يرى. وسار سيرة عجيبة، يجمع بين دناءة النفس، والطمع والحمق. فاستعاد بعض ما اقترضه للولاية. وبقي أكثر ذلك دَينا عليه إلى الآن، ثم صرف بعد سنة ودون الشهر بكاتبه.

واستمر معزولاً من العشر الأخير من المحرم سنة سبع وعشرين إلى العشر الأخير من صفر سنة ثلاث وثلاثين، فأعيد فأقام سنة وثلاثة أشهر. وصرف في العشر الأخير من جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين.

واستمر بطالاً إلى السادس من شوال سنة إحدى وأربعين. وأعيد فأقام فيها سنة واحدة، وصرف. فمدة ولاياته الثلاث، ثلاث سنين ودون خمسة أشهر.

<<  <   >  >>