للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال غيره: عاد إلى مصر في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين، فكان الناس يمرون وبه وهو جالس فلا يتحاكمون إليه إلى أن مات ابن بلال، فركب غوث إلى منزله فضم الديوان والودائع فصاحت بنته: وَاذُلاَّه.

قال الخطيب في المتفق ولي قضاء مصر ثلاث مرات.

وقال سعيد بن عفير: كان غوث أول من سأل عن الشهود بمصر، وكان الناس قبل ذلك يشهدون فمن عُرف بالخير قبل ومن لم يعرف سئل عن جيرانه، فما ذكروه به من خَيرٍ أو شَر عمل به. ومن لم يعرف لم يقبل، حتى فشت شهادة الزور، فسأل غوث عن الشهود في السر. فمضى الأمر على ذلك. وكان من أثنوا عليه قبلت شهادته، ثم كان واحداً من الناس، ولم يكن أحد يومئذ يُوسَم بالشهادة ولا يشار إليه بها.

فلما كان في شهر رمضان سنة أربع وأربعين، ورد كتاب المنصور بحبس غوث، فَحُبِس واختُلف في سبب ذلك، فقيل إن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي مضى فارّاً من المنصور واستتر بمصر، فاتهم غوث بن سليمان أن يكون تغيّب عنده.

وذكر ابن يونس عن فِتْيان بن أبي المسح: أن غوثاً اتِهم براي الإباضية من الخوارج.

وقال غير ابن يونس: وقيل إنه اتهم بمكاتبة أبي الخَطَّاب الإباضي. قال فِتْيان ابن أبي المسح: حدثني ربيعة النّفُوسي قال: أنا حملت كتاب أبي الخَطَّاب الإباضي من إفْرِيقيًّة إلى غوث، وحملت كتاب غَوْث إلى أبي الخَطّاب.

وحُبس مع غوث كاتبه حمزة بن زياد، فشفع صالح بن علي في حمزة، فكتب المنصور برده حيث وجد فوصل وهو بحلب. فأبى أن يرجع، وقدم العراق فاعتذر للمنصور لما قدم من الحج فعذره ورده إلى مصر، ثم أعيد غوث بن سلميان المرة الثالثة في جمادى الأولى سنة سبع وستين من قبل المهدي.

قال المُفصَّل بن فَضالة: لم يكن غوث بن سليمان فقيهاً، ولكن كان أعلم الناس بمعاني القضاء وسياسته، فكان أمره من أحسن شيء وكان هَوْناً.

<<  <   >  >>