للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يحكم عنه، ولم يُعهدَ. قبله أنّ نائب النائب يحكم مع وجود مستنيبه وأَمَّا مع غيبته فوقع كثيراً.

وسُئل أن يولي أبا العباس ابن أبي العوّام فامتنع، ورجع إلى داره وازدحم الناس على بابه. ومنه أصحاب الشرطة من التكلم في الأحكام الشرعية. ثم أضاف إليه الحاكم النظر في المظالم في رجب سنة إحدى وأربعمائة، وخلع عليه نظير خِلعة القضاء، وقُرئ سِجِله في القصر بحضرة الأمراء وغيرهم، وتوجه إلى الجامع العتيق ومعه الشهود، وقرئ سِجلّه بذلك، فجلس للحكم، ونظر في القِصَص، وصلَّى الظهر والعصر. عينَّ ثلاثةً من الشهود لمجلسه، وقال: الشهود عندي على ثلاثة أقاسم: فِرقة أعرفهم فلا أسأل عنهم، وفرقة لا يستحقُّون ذلك فلا كلام فيهم، وفرقة لا أعرفهم فقد وَكَّلت أمرهم إليكم. قالوا: وكان في نفس الثلاثة من جماعة الشهود إحَن، فتكلموا فيهم فوقف شهادتهم فتضرّروا من ذلك، فَقَبِلَ شادة بعضهم من قِبَل نفسه ثم بحث عن أمر الباقين إلى أن تحقَّق أنهم ما وقفوا بالغَرض الفاسد فقبلهم.

وشُكى إليه القاضي قبله فأحضره إلى داره فأدُّعي عليه والتُمس يمينه تسامع الناس بذلك، فحضر جمع كثير مَّمن في قلبه غيظ على القاضي المعزول، فادَّعوا عليه بدعاوي كثيرة أنكرها كلها، فاستحلفوه. فحلّفه مالك بن سعيد ولم يُغلّظ عليه الأيمان، إلا أنه قال له: قل: والله الذي لا إله إلا هو إني بريء من دعواهم براءةً صحيحة. فحلف وانصرف.

ثم طلبه بعض الخصوم، فأرسل إليه مالكم بن سعيد ليحصر فامتنع، فألح عليه، ثم تشفّع عنده أبو العباس ابن أبي العَوَّام إلى أن استحلفه بعد تمنُّع كثير على الروض كعادته.

وعلت منزلة القاضي عند الحاكم حتى صار يحضر مائدته، ويأكل معه، وأجلسه فوق القاضي المعزول، وأصعده المنبر معه في الأعياد على عادة من تقدَّمه.

<<  <   >  >>