للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملاحظة، أو تثبتها التجربة، مع أن الملاحظة لا تدل عليها مطلقاً، والتجربات والتطبيقات ترفضها وتدل على خلافها.

إن أي مضلل بفكرة، أو مذهب، أو طريقة باطلة، لا يستطيع التأثير في مجموعة من الناس، ولا يستطيع أن يكون لآرائه الفاسدة مفسدة مسير في الأفكار، ما لم يدس ما يريد التضليل به ضمن مجموعة من الأفكار الصحيحة، والأفكار المقبولة إجمالاً، أو التي لها حظٌّ من النظر، ولو لم تثبت بعدُ صحتها.

إنه بعمله هذا يغطي ويستر الباطل البين الواضح الفساد، إن عرض جملة من الأفكار الصحيحة، والأفكار المقبولة إجمالاً، تجعل أذهان الناس تستسلم وتطمئن لسلامة قصد عارضها أو مقدمها، لا سيما حينما يزينها بزخرف من القول، وينضدها تنضيداً ذكياً، ويرتبها ترتيباً منطقياً.

ثمّ تأتي الأفكار المندسة محاطة من سوابقها ولواحقها بما يسترها، إذ للصحيح وللمقبول من الأفكار ظلال تسمح بمرور الباطل المندس بينها، دون أن نثير الانتباه، ودون أن تكشف الأذهان بطلانه.

وهكذا يُغشّي المبطلون بالدس الماكر وبزخرفٍ من القول زيوفهم الفكرية، فتعبُر أفكارهم المزيفة ضمن ما يعبر إلى أذهان الناس من أفكار أخرى.

ولولا ذلك لاكتشف الناس الباطل بسرعة، ولرفضوه، فالجماهير من الناس ترفض بمنطقها التلقائي ما تراه باطلاً، أو تعتقد بطلانه.

وواجب المسلم الحصيف أن يستجمع كل وعيه، ويفحص كل كبيرة وصغيرة من أفكار الناس وآرائهم ومقولاتهم ومذاهبهم، فإذا لم يكن أهلاً لذلك فعليه أن يسأل أهل العلم والمعرفة والخبرة والتخصص، من أئمة المسلمين الذين يخشون الله واليوم الآخر، وعرفوا بتقواهم وصفاء أفكارهم، وقدرتهم على النقد والفحص وتمييز الحق من الباطل، وكشف زيوف الأفكار والمذاهب.

<<  <   >  >>