للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب أو جملة الآراء والأفكار المعروضة في نظام فكري يغري بالقبول، فإن اللجوء إلى هذا التمييز والفصل هو الأحق بأن يكون منهجنا، وهو المنهج الذي يتبعه رواد الحق وعشاقه، والباحثون عنه والداعون إليه.

وعلى الباحث وفق هذا المنهج أن يفصل أي موضوع ذي عناصر إلى عناصره ووحداته الجزئية، ثمّ يبحث في كل عنصر منها وفق أصول البحث العلمي، ثمّ يبني حكمه بالاستناد إلى ما وصل إليه بحثه في ذلك العنصر، وهكذا حتى يستوفي كل العناصر، ولا تغرَّنه كثرة عناصر الصواب، إذْ يكفي عنصر فاسد واحد لإفساد نظرية الموضوع كله.

بيد أن هذا المنهج هو من وظائف المتفوقين من أهل البحث والنظر العلمي، أما الجماهير التي تأخذ المذهب اتباعاً تقليدياً، فهي لا تستطيع التمييز ولا الفصل، لذلك فمن واجبها الاجتناب الكلي، خشية أن تتأثر بالباطل من حيث لا تشعر.

والسطحيون الذين يندفعون مع بادئ الرأي، أو بادي الرأي، دون تريث ولا تفكير عميق دقيق، وينخدعون بالأصباغ والألوان الظاهرة، وزخرف القول، دون فحص لما يعرض عليهم الشياطين فحصاً جزئياً مجهرياً، يسقطون في مكيدة الزيف، ويسلمون أعنتهم لجزاريهم.

هؤلاء السطحيون المغفلون، يندفعون كالقطعان إلى حتوفهم وحتوف أمتهم، وطعم قطع الحلوى التي تقدم لهم وهم يتسابقون في الطريق، يشغل ساحة التفكير بتأثير من شهواتهم الحاضرة، فلا يفكرون فيما هم إليه صائرون، وما هم إليه سائرون.

ويتسابقون وهم يتضاحكون، ومئات القتلى منهم يتساقطون على أيدي سائقيهم إلى مذابحهم، وبسذاجة تامة، وغباء مطبق، يفسرون تساقط المتساقطين منهم بكل تفسير، إلا التفسير الحقيقي الذي يكشف أنهم

<<  <   >  >>