للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} .

إلى غير ذلك من نصوص قرآنية كثيرة جداً.

* * *

الغيب ومنطق العقل:

حينما يناقش علماء النصارى في مسألة التثليث أو غيرها من المسائل التي يرفضها منطق العقل، يدافعون بأن الدين لا يخضع لمنطق العقل، إذ هو فوق مستوى العقل البشري، ويجب التسليم بكل ما جاء فيه، ولو كان العقل يرفضه رفضاً باتاً لاستحالته.

وظل رؤساء الدين عندهم يهيمنون على أتباعهم بهذه الحجة، حتى قامت الثورة العلمية المادية الحديثة، ففجرت جوانب البحث العلمي في كل مجالٍ من مجالات العلمية التي يستطيع الإنسان أن يتوصل إليها، وأيقظت الفكر النصراني من سباته الذي لازمه قرابة خمسة عشر قرناً، ثمّ امتد أثره إلى الأمم الأخرى.

ومع هذه اليقظة العلمية أخذ المثقفون منهم يفكرون في قضية التثليث، وفي قضايا مشابهة، يقال عنها: إنها من أمور الدين التي هي فوق مستوى العقل، ويجب التسليم بها، ولو كان العقل يرفضها قطعياً، ويرى أنها مستحيلة، فلم تهضمها عقولهم، وبدؤوا يتشككون في صحة ديانتهم من أساسها، وقام الصراع المعروف بين قوتين:

١- قوة تقليدية لها مؤسسات ورياسات دينية وأنظمة حكم تدعمها.

٢- وقوة أخرى أخذت سبيلها إلى النهوض المادي عن طريق البحث العلمي، ومناقشة الأمور بالعقل والمنطق وسائر وسائل البحث الإنساني للوصول إلى المعرفة.

وانتهت معركة الصراع بمحاصرة الديانة النصرانية وحجزها داخل الكنيسة، ثمّ أخذت الأجيال النصرانية سبيلها إلى إنكار ديانتهم، والشك في صحتها من أساسها، وعاشت في فراغ فكري ونفسي خطير، ولم يبق

<<  <   >  >>