للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أدرك هذه الظاهرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال فيما روي عنه:

الغوغاء إذا اجتمعوا ضروا، وإذا افترقوا نفعوا.

فقيل له: قد علمنا مضرة اجتماعهم، فما هي منفعة افتراقهم؟

قال: يرجع أهل المِهَنِ إلى مِهَنِهم، فينتفع الناس بهم، كرجوع البناء إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى مخبزه.

الديمقراطية الشعبية لدى الماركسيين:

أما الديمقراطية الشعبية لدى الماركسيين، فالنظرة الفاحصة تكشف أنها ديكتاتورية صارمة جداً، مقنعة بدعاوى الديمقراطية الشعبية.

وذلك لأن الماركسيين يخصصون ابتداءً هذه الديمقراطية بديمقراطية العمال والكادحين، الذين يرون أنهم هم أصحاب المصلحة الحقيقية من الثورة، ويعزلون عنها سائر طبقات الشعب، فليست هي إذن ديمقراطية عامة لكل الشعب.

ثم يخصصون ثانياً ديمقراطية العمال والكادحين بالحزب الشيوعي الحاكم.

فإذا نظرنا إلى الحزب الشيوعي الحاكم، ونظيره الأحزاب الاشتراكية السائرة على منهجه، وجدنا أنه ذو نظام هرمي صارم، كالنظام الهرمي الموجود في أشد أنظمة الجيوش العسكرية صرامة وإلزاماً واستبداداً. والديمقراطية فيه إن وجدت فهي محصورة ضمن الحلقات الصغرى جداً، ومن لا يرضى عنه صاعد الهرم وفق التسلسل فلا مشورة له ولا رأي، ويأتيه الطرد الصارم بأوامر عليا، وكل رأي لا يرضى عنه صاعد الهرم فهو مرفوض. فرجع الأمر كله إلى ديكتاتورية صارمة جداً، ضمن نظام بالغ الدقة، شديد المراقبة والمحاسبة من قمة الهرم.

<<  <   >  >>