للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبرني أحدُ العلماءِ أن سودانيّاً مسلماً قدم من البادية إلى العاصمةِ الخرطومِ في أثناءِ الاستعمارِ الإنكليزيِّ، فرأى رجل مرورٍ بريطانيّاً في وسطِ المدينةِ، فسأل هذا المسلمُ: منْ هذا؟ قالوا: كافرٌ. قال: كافرٌ بماذا؟ قالوا: باللهِ. قال: وهلْ أحدٌ يكفرُ بالله؟! فأمسك على بطنِهِ ثمَّ تقيَّأ ممَّا سمع ورأى، ثم عاد إلى الباديةِ. {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .!

يقولُ الأصمعيُّ: سمع أعرابيٌّ يقرأُ: {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} ، قال الأعرابيَّ: سبحان اللهِ، ومن أحوج العظيم حتى يقسم؟!

إنه حسنُ الظنِّ والتطلُّعُ إلى كرمِ المولى وإحسانِه ولطفه ورحمته.

وقد صحَّ في الحديثِ أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يضحك ربُّنا)) . فقال أعرابيٌّ: لانعدامُ منْ ربٍّ يضحكُ خيراً.

{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا} ، {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} {أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} .

منْ يقرأُ كتب سيرِ الناسِ وتراجم الرجالِ يستفيدُ منها مسائل مطَّرِدةً ثابتةً منها:

١. أنَّ قيمة الإنسانِ ما يُحسنُ، وهي كلمةٌ لعليِّ بن أبي طالبٍ، ومعناها: أنَّ علم الإنسانِ أو أدبهُ أو عبادتهُ أو كرمهُ أو خلقهُ هي في الحقيقةِ قيمتُهُ، وليستْ صورتُه أو هندامُهُ ومنصبُهُ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى {١} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} . {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} .

<<  <   >  >>