للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحبُّ الحقيقيُّ

كُنْ منْ أولياءِ اللهِ وأحبائهِ لِتسْعدَ، إنَّ منْ أسعْدِ السعداءِ ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايتُه المنشودة حُبَّ اللهِ عزَّ وجلَّ، وما ألْطف قولهُ: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} .

قال بعضُهم: ليس العَجَبُ منْ قولهِ: يحبُّونه، ولكنَّ العجب منْ قولِهِ يحبُّهم؛ فهو الذي خلقهم ورزقهم وتولاَّهُم وأعطاهُمْ، ثم يحبُّهم: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} .

وانظرْ إلى مكرُمةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وهي تاجٌ على رأسهِ: رجلٌ يُحبُّ الله ورسوله، ويحبُّه اللهُ ورسولهُ.

إنَّ رجلاً من الصحابة أحبَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فكان يردِّدُها في كلِّ ركعةٍ، ويتَولَّهُ بذكْرِها، ويعيدها على لسانه، ويُشجي بها فؤاده، ويحرِّكُ بها وجدانه، قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((حبُّك إيَّاها أدْخَلَك الجنة)) .

ما أعجب بيتين كنتُ أقرؤهما قديماً، في ترجمةٍ لأحدِ العلماءِ، يقول:

إذا كان حُبُّ الهائِمين من الورى ... بليلى وسلمى يسلُبُ اللُّبَّ والعقْلا

فماذا عسى أن يفعل الهائِمُ الذي ... سَرَى قلبُه شوقاً على العالمِ الأعلى

{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم} .

إنَّ مجنون ليلى قتلهُ حبُّ امرأةٍ، وقارون حبُّ مالٍ، وفرعون حبُّ منصبٍ، وقُتل حمزةُ وجعفرُ وحنظلةُ حبّاً لله ولرسوله، فيا لبُعْدِ ما بين الفريقين.

<<  <   >  >>