للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: إنني أستحقُّ وأستأهلُ ما ذُقتُ من الألمِ والحسرةِ؛ لأنني المتسبِّبُ الأعظمُ فيما جرى لي.

وآخرُ أندلسٌّ يتباهى بكثرةِ هيامِه وعشقِه وولهِهِ، فيقولُ:

شكا ألم الفِراقِ النَّاسُ قبْلي ... ورُوِّع بالجوى حيٌّ وميْتُ

وأمّا مِثْلما ضمَّتْ ضلوعي ... فإنِّي ما سمعتُ ولا رأيْتُ

ولو ضمَّ بين ضلوعهِ التقوى والذْكر وروحانيّةً وربّانيّةً، لَوَصَلَ إلى الحقِّ، ولَعَرَ الدليل، ولأبصر الرُّشد، ولَسَلَك الجادَّة: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} ، {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} .

إنَّ ابن القيِّمِ عالج هذهِ المسألة علاجاً شافياً كافياً في كتابِهِ (الداءُ والدواءُ) فليُرْجَعْ إليهِ.

إن للعشق أسباباً منها:

١. فراغُ منْ حُبِّه سبحانه وتعالى وذكْرِهِ وشُكرِه وعبادتِهِ.

٢. إطلاقُ البصرِ، فإنهُ رائدٌ يجلبُ على القلبِ أحزاناً وهموماً: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} ، ((النظرةُ سهمٌ منْ سهامِ إبليس)) .

وأنت متى أرسلت طرْفك رائداً ... إلى كلِّ عينٍ أتعبتْكَ المناظِرُ

رأيت الذي لا كُلُّه أنت قادرٌ ... عليه ولا عنْ بعضِهِ أنت صابِرُ

<<  <   >  >>