للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قطريُّ بنُ الفجاءةِ:

لا يَرْكَنَنْ أحدٌ إلى الإحجامِ ... يوم الوغى مُتَخَوِّفاً لحمِامِ

فلقدْ أراني للرِّماحِ دريئة ... من عن يميني مرَّةً وأمامي

حتى خضبتُ بما تحدَّر مِن دمي ... أحناء سرْجي أو عنان لجامي

ثم انصرفتُ وقدْ أصبتُ ولم أُصبْ ... جذع البصيرةِ قارِح الإقدامِ

وقال بعضُ الحكماءِ: العاقلُ يتعزَّى فيما نزل به منْ مكروهٍ بأمرينِ:

أحدهما: السرورُ بما بقي له.

والآخر: رجاءُ الفَرَجِ مما نَزَلَهُ به.

والجاهل يجزعُ في محنتِهِ بأمرينِ:

أحدهما: استكثارُ ما أوى إليه.

والآخر: تخوُّفُه ما هو أشدُّ منهُ.

وكان يقالُ: المِحنُ آدابُ اللهِ عزَّ وجلَّ لخلقِهِ، وتأديبُ اللهِ يفتحً القلوب والأسماع والأبصار.

ووصف الحّسَنُ بنُ سَهْلٍ المِحن فقال: فيها تمحيصٌ من الذنبِ، وتنبيهٌ من الغفلةِ، وتعرُّضٌ للثوابِ بالصبرِ، وتذكيرٌ بالنعمةِ، واستدعاءٌ للمثوبةِ، وفي نظرِ اللهِ عزَّ وجلَّ وقضائِهِ الخيارُ.

فهذا من أحبَّ الموت، طلباً لحياةِ الذِّكْرِ. {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} .

<<  <   >  >>