للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثوبا إلاّ خرّقه وَلَا يعقل إلاّ أَن تذكر لَهُ ليلى فَإِذا ذكرت عقل واجاب عَن كلّ مَا يسْأَل عَنهُ.

ثمَّ إنّ قوم ليلى شكوا مِنْهُ للسُّلْطَان فأهدر دَمه وترحّل قَومهَا من تِلْكَ النَّاحِيَة فَأَشْرَف فَرَأى دِيَارهمْ بَلَاقِع فقصد منزلهَا وألصق صَدره بِهِ وَجعل يمرّغ خديّه على التُّرَاب وَيَقُول الْأَشْعَار. ثمَّ إنّ أَبَاهُ قيّده فَجعل يَأْكُل لحم ذِرَاعَيْهِ وَيضْرب نَفسه ويعض لِسَانه وشفتيه فَأَطْلقهُ.

وَرُوِيَ أنّ نَوْفَل بن مساحق لّما جَاءَ ساعياً على صدقَات بني عَامر رأى الْمَجْنُون يلْعَب بالتّراب وَهُوَ عُرْيَان فَقَالَ لغلام لَهُ: خُذ ثوبا وألقه عَلَيْهِ. فَقَالُوا لَهُ: أَلا تعرفه قَالَ: لَا. قَالُوا: هَذَا الْمَجْنُون قيس بن الملّوح كلّمه فَجعل يجِيبه بِغَيْر مَا يسْأَله عَنهُ فَقَالُوا لَهُ: إِن أردْت أَن يكلّمك كلَاما صَحِيحا فاذكر لَهُ ليلى. فَقَالَ: أتحبّ ليلى فَأقبل عَلَيْهِ يحدّثه عَنْهَا وينشده شعره فِيهَا فَقَالَ لَهُ: أتحبّ أَن أزوّجكما قَالَ: وَتفعل ذَاك قَالَ: نعم اخْرُج معي حتّى أقدم بك على قَومهَا فأخطبها لَك.

فارتحل مَعَه ودعا لَهُ بكسوة فلبسها وَرَاح مَعَه كأصحّ أَصْحَابه فلمّا قرب من قَومهَا تلقّوه بالسّلاح وَقَالُوا: وَالله يَا ابْن مساحق لَا يدْخل الْمَجْنُون لنا بَيْتا أَو نقْتل عَن آخِرنَا وَقد أهْدر لنا السّلطان دَمه فَأقبل بهم وَأدبر فَأَبَوا عَلَيْهِ فَقَالَ

لَهُ: انْصَرف. فَقَالَ: أَيْن مَا وعدت قَالَ: رجوعك بالخيبة أَهْون عليّ من سفك الدّماء.)

ثمَّ هام على وَجهه فِي الفلوات وَأنس بالوحوش فَكَانَ لَا يَأْكُل إلاّ مَا تنْبت الأَرْض من الْبُقُول وَلَا يشرب إلاّ مَعَ الظّباء وَطَالَ شعر جسده وَرَأسه وألفته

<<  <  ج: ص:  >  >>