للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ التَّفْتَازَانِيّ: جرت عَادَته فِي مثل هَذَا بِتَقْدِير مُبْتَدأ وَلَا يظْهر لَهُ وجهٌ يعْتد بِهِ. وَقَالَ فِي التَّلْوِيح فِي قَوْله تَعَالَى: والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ.

هَكَذَا قَالَ جَار الله فِي الْكَشَّاف والمفصل فَيقدر الْمُبْتَدَأ فِي جَمِيع مَا هُوَ من هَذَا الْقَبِيل. وَفِيه نظر لِأَن الْجُمْلَة الفعلية صَالِحَة للابتداء من غير احْتِيَاج إِلَى تَقْدِير مُبْتَدأ.

وَفِي شرح التسهيل للدماميني: النحويون يقدرُونَ فِي الِاسْتِئْنَاف مُبْتَدأ وَذَلِكَ إِمَّا لقصد إِيضَاح الِاسْتِئْنَاف وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا يسْتَأْنف إِلَى على هاذ التَّقْدِير. وَإِلَّا لزم الْعَطف الَّذِي هُوَ مُقْتَضى الظَّاهِر. انْتهى.)

قَالَ شَيخنَا الشهَاب الخفاجي فِي بعض رسائله: حَاصله أَن الْجُمْلَة المضارعية المستأنفة يقتضى كَلَام الْمُفَسّرين والنحاة أَنه لَا بُد فِيهَا من تَقْدِير ضمير مُبْتَدأ. وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُتَأَخّرُونَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة تَدْعُو إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يجوز الِاسْتِئْنَاف بِدُونِهِ. وَلم يَدْفَعهُ أحد فظنوا أَنه واردٌ غير مندفع.

وَلما تَأَمَّلت مَا قَالُوهُ حق التَّأَمُّل ظهر لي أَن الْحق مَا قَالُوهُ وَأَنه لَا بُد من هَذَا التَّقْدِير لِأَنَّك إِذا وقفت على قَوْله: فِي الأَرْض من غير تَقْدِير لم يَقع موقعه إِذْ لم يفد مَا يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ.

وَالضَّمِير الْمُسْتَتر خفيٌّ لَا يظْهر بَادِي الرَّأْي. فَإِذا قلت يعلم لم يعلم من الْعَالم. فَإِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ ظَاهرا أَو فِي حكمه علم المُرَاد.

وَنَظِيره النَّعْت الْمَقْطُوع إِذا رفع يقدر قبله ضمير لِأَنَّهُ مُفْرد لَا يُفِيد إِلَّا على ذَلِك التَّقْدِير.

وَبِهَذَا تبين أَن الِاعْتِرَاض من الغفول عَمَّا قَصده هَؤُلَاءِ الفحول. وَهُوَ معنى قَوْله فِي شرح التسهيل: وَإِلَّا لزم الْعَطف

<<  <  ج: ص:  >  >>