للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتفسير البارئ فى المسألة، بالخالق يبدو قريبا.

وقاله الطبرى فى تأويله: أي إلى خالقكم. وهو من برأ الله الخلق يبرؤه فهو بارئ، والبرية الخلق فعيلة بمعنى مفعولة

غير أنها لا تهمز. . لولا أن آية الحشر جمعت بين (الخالق البارئ المصور) ثم إن فعل الخلق يجىء فى القرآن مسندًا إلى الله تعالى فى أكثر من مائة وستين موضعا، ومعها (خَلْقُ اللَّهِ) و (خَلْقِ الرَّحْمَنِ) ، سبحانه (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) ، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)

فهل من فرق دلالة بين الخالق البارئ؟

ذكر الراغب أن " البارئ: خُصَّ بوصفه تعالى.

والزمخشرى فسر "الخالق البارئ" فى آية الحشر فقال: الخالق، المقدر لما

يوجده، البارئ: المميز بعضه عن بعض بالأشكال المختلفة.

ومثله فى (البحر المحيط) لأبي حيان.

ذهب ابن الأثير إلى وجه آخر فى الفرق بين الخالق والبارئ، قال: فى أسماء

الله تعالى البارئ. وهو الذى خلق الخلق لاعن مثال. ولهذه اللفظة من

الاختصاص بخلق الحيوان، ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلَّما تستعمل فى غير الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة، وخلق السماوات والأرض (النهاية) .

وهذا الوجه الدقيق من التمييز بين الخالق والبارئ هو ما يؤنس إليه استقراء

ما فى القرآن من آياتهما، وتدبر سياقها: فالخلق شامل لكل شيء، سبحانه

خلق السمواتِ والأرض وما بينهما.

وكلمة " بارئكم " الخطاب فيها لقوم موسى،

و" البرية " فى آيتيها بسورة البينة، متعلقة بالكفار والمؤمنين: شر البرية وخير البرية.

لكن آية الحديد، يتعلق فيها الفعل " نبرأها " بـ (ما أصاب من مصيبة فى الأرض ولا فى أنفسكم) ، أعنى أنها فى غير الحيوان. ولعل ابن الأثير نظر إليها فاحترز من التعميم والإطلاق فى (برأ) بقوله: وقلَّما تستعمل فى غير الحيوان. والله أعلم.

***

<<  <   >  >>