للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصدقوك، فلما أنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} (١) . شكا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبرائيل فقال: إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني، فأنزل الله عز وجل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٢) .

وحتى يدرك القارئ مدى تحريفهم لآيات الله، وتآمرهم لتغيير دين الإسلام بتغيير أصله العظيم وهو التوحيد، نسوق الآية وما قبلها وما بعدها، ونتبع ذلك ببيان معناها.

قال تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} .

فالآية كما هو واضح من سياقها تتعلق بتوحيد الله في عبادته، فهم غيروا الأمر فاعتبروا الآية متعلقة بعلي، مع أنه ليس له ذكر في الآية أصلاً، فكأنهم جعلوه هو المعبر عنه بلفظ الجلالة (الله) وجعلوا "العبادة" هي الولاية. والآية واضحة المعنى بينة الدلالة، ليس بين معناها وتأويلهم المذكور أدنى صلة.

قال أهل العلم في تفسيرها:

إن الله سبحانه أمر نبيه أن يقول هذا للمشركين لما دعوه إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام، وقالوا: هو دين آبائك (٣) . والمعنى: قل يا محمد لمشركي قومك، أتأمرونني بعبادة غير الله أيها الجاهلون بالله ولا تصلح العبادة لشي سواه سبحانه. ولما كان الأمر بعبادة غير الله لا يصدر إلا من غبي جاهل ناداهم بالوصف المقتضي ذلك فقال: {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} . ثم بين سبحانه أنه قد أوحى إلى نبيه وإلى الرسل من


(١) المائدة، آية: ٦٧
(٢) البرهان: ٤/٨٣
(٣) وقد نقل ابن كثير وغيره عن بعض السلف أن هذا هو سبب نزولها. انظر: تفسير ابن كثير: ٤/٦٧، تفسري البغوي: ٤/٢٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>