للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما حرموا فهو حرام" (١) .

هكذا يصرحون بأن للأئمة حق التشريع والتحليل والتحريم فما أحلوه من بين مال المسلمين فهو حلال، وما حرموه فهو حرام ... فجعل هؤلاء من أئمتهم أربابًا من دون الله، لأن جعلهم جهة تحريم وتحليل وتشريع هو شرك في توحيد الربوبية، لأن الحاكمية والتشريع لله، كما أن طاعتهم في تشريعهم المخالف لشريعة رب العالمين، والتي قد تنسخ أو تقيد أو تخصص ما جاء به خاتم النبيين (٢) . هو عبودية لهم من دون الله.. وحق التشريع لا يملكها إلا رب العباد، والرسل عليهم الصلاة والسلام إنما هم مبلغون عن الله سبحانه لا يحرمون ولا يحلون إلا ما يأمرهم الله به، ويوحيه إليهم.

وقد قال الله جل شأنه فيمن اتبع مشايخه فيما يحلون ويحرمون من دون شرع الله وحكمه قال سبحانه: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ} (٣) . فجعل سبحانه اتباعهم فيما يحلون من الحرام، ويحرمون من الحلال - كما جاء في تفسير الآية (٤) .- عبادة لهم، حيث "تلقوا الحلال والحرام من جهتهم وهو أمر لا يتلقى إلا من جهة الله عز وجل" (٥) .

وقد شابه اعتقاد الشيعة في أئمتهم ومشايخهم اعتقاد النصارى في رؤسائهم؛ فالجميع اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله سبحانه.


(١) الاختصاص: ص٣٣٠، بحار الأنوار: ٢٥/٣٣٤، وانظر: بصائر الدرجات: ص١١٣
(٢) انظر: ما سلف حول هذا الموضوع ص:١٤٤ وما بعدها
(٣) التوبة، آية:٣١
(٤) انظر: تفسير الطبري: ١٠/١١٣-١١٤، تفسير ابن كثير: ٢/٣٧٣-٣٧٤. وقد جاء في أصول الكافي ما يقر بهذا في تأويل الآية، حيث قال أبو عبد الله: "أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حرامًا، وحرموا عليهم حلالاً من حيث لا يشعرون" (أصول الكافي: ١/٥٣، ومثله في: مجمع البيان للطبرسي: ٣/٤٨-٤٩، والبرهان للبحراني: ٢/١٢٠-١٢١، وتفسير الصافي للكاشاني: ٢/٣٣٦)
(٥) ابن عطية/ المحرر الوجيز: ٨/١٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>