للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذكر فيما يلي قول الشيعة من مصادرها:

لقد ذهبت الشيعة الإمامية بحكم مجاراتهم للمعتزلة إلى نفي الرؤية، وجاءت روايات عديدة ذكرها ابن بابويه في كتابه التوحيد وجمع أكثرها صاحب البحار تنفي ما جاءت به النصوص من رؤية المؤمين لربهم في الآخرة، فتفتري - مثلاً - على أبي عبد الله جعفر الصادق بأنه سئل "عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.. إن الأبصار لا تدرك إلا ما له لون وكيفية، والله خالق الألوان والكيفية" (١) .

ويظهر أن الحجة التي احتج بها هؤلاء الذين وضعوا هذه الرواية على جعفر تتضمن نفي الوجود الحق، لأن ما لا كيفية له مطلقًا لا وجود له. ولهذا قال بعض السلف حينما سئل عن الاستواء قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول (٢) . ولم يقل: لا كيفية له.

فالمنفي هنا علم البشر بالكيفية لا ذات الكيفية، كما أن هذا يناقض ما رواه صاحب الكافي عن أبي عبد الله أنه قال: ".. ولكن لابد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره" (٣) .

وقال شيخهم وآيتهم جعفر النّجفي صاحب كشف الغطا: "ولو نسب


(١) بحار الأنوار: ٤/٣١، وعزاه إلى أمالي الصدوق
(٢) جاء هذا الأثر - بهذا المعنى - عن أم سلمة، فأخرجه اللالكائي بسنده عن أم سلمة موقوفًا (شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٣/٢٩٧) ، وذكره ابن حجر (فتح الباري: ١٣/٤٠٦) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها: موقوفًا ومرفوعًا، ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه» (الفتاوى: ٥/٣٦٥) ، كما ثبت مثل هذا الجواب عن ربيعة شيخ مالك، وروي من غير وجه عن مالك (المصدر السابق) فأخرجه اللالكائي عنهما (شرح أصول اعتقاد أهل السنة: ٣/٣٩٨) . والبيهقي (الأسماء والصفات ص٤٠٨-٤٠٩) ، وذكره البغوي (شرح السنة: ١/١٧١) والسيوطي (الدر المنثور: ٣/٩١)
(٣) أصول الكافي: ١/٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>