للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم الإمامة (١) عند الشيعة ومنشؤها:

لعل أول من تحدث عن مفهوم الإمامة بالصورة الموجودة عند الشيعة هو ابن سبأ، الذي بدأ يشيع القول بأن الإمامة هي وصاية من النبي، ومحصورة بالوصي، وإذا تولاها سواه يجب البراءة منه وتكفيره، فقد اعترف كتب الشّيعة بأنّ ابن سبأ "كان أوّل من أشهر القول بفرض إمامة عليّ، وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه وكفّرهم" (٢) . لأنه كان يهودي الأصل، يرى أن يوشع بن نون هو وصي موسى، فلما أسلم أظهر هذه المقالة في علي بن أبي طالب (٣) .

وهذا ما تواضع عليه شيوخ الشيعة، فابن بابويه القمي يسجّل عقائد الشّيعة في القرن الرّابع ويقول بأنّهم: "يعتقدون بأنّ لكلّ نبي وصيًّا أوصى إليه بأمر الله تعالى" (٤) . ويذكر أن عدد الأوصياء "مائة ألف وصي، وأربعة وعشرون ألف وصي" (٥) ، كما يذكر المجلسي في أخباره "أن عليًا هو آخر الأوصياء" (٦) ، وجاء


(١) الإمامة، في اللغة: التقدم، تقول: أمّ القوم، وأمّ بهم تقدمهم وهي الإمامة، والإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم، أو كانوا ضالين، ويطلق الإمام على الخليفة، وعلى العالم المقتدى به، وعلى من يؤتم به في الصلاة (انظر: اللسان، والقاموس، والمصباح، مادة: أمّ، وراجع في تعريف الإمامة عند أهل السنة: الأحكام السلطانية للماوردي: ص٥، مقدمة ابن خلدون: ٢/٥١٦-٥١٨)
(٢) رجال الكشّي: ص ١٠٨-١٠٩، القمّي/ المقالات والفِرَق: ص٢٠، النّوبختي/ فِرَق الشّيعة ص٢٢، الرّازي/ الزّينة: ص٣٠٥، وانظر: المِلَل والنِّحَل: ١/١٧٤، حيث قال الشّهرستاني عن ابن سبأ: "وهو أوّل من أظهر القول بالنّصّ على إمامة عليّ رضي الله عنه"
(٣) رجال الكشّي: ص ١٠٨-١٠٩، القمّي/ المقالات والفِرَق: ص٢٠، النّوبختي/ فِرَق الشّيعة ص٢٢، الرّازي/ الزّينة: ص٣٠٥، وانظر: المِلَل والنِّحَل: ١/١٧٤
(٤) عقائد الصّدوق: ص١٠٦
(٥) عقائد الصدوق: ص١٠٦
(٦) بحار الأنوار: ٣٩/ ٣٤٢، ومعنى هذا أنّه لا وصيّ بعد عليّ، وأنّ إمامة من بعده باطلة، لأنّهم ليسوا بأوصياء، وهذا ينقض مذهب الاثني عشريّة من أصله

<<  <  ج: ص:  >  >>