للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤- الحكم على الأمصار الإسلامية بأنها دار كفر]

جاء في أخبارهم تخصيص كثير من بلاد المسلمين بالسب، وتفكير أهلها على وجه التعيين، ويخصون منها غالبًا ما كان أكثر التزامًا بالإسلام واتباعًا للسنة، فقد صرحوا بكفر أهالي مكة والمدينة في القرون المفضلة، ففي عصر جعفر الصادق كانوا يقولون عن أهل مكة والمدينة: "أهل الشّام شرّ من أهل الرّوم (يعني شرّ من النّصارى) ، وأهل المدينة شرّ من أهل مكّة، وأهل مكّة يكفرون بالله جهرة" (١) .

"وعن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة، وإن أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفًا" (٢) .

ومن المعلوم أن أهل المدينة كانوا - ولا سيما في القرون المفضلة - يتأسون بأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من سائر الأمصار، ولهذا لم يذهب أحد من علماء المسلمين إلى أن إجماع أهل مدينة من المدائن حجة يجب اتباعها غير المدينة (٣) .

وقد ظل أهل المدينة متمسكين بمذهبهم القديم، منتسبين إلى مذهب مالك إلى أوائل المائة السادسة أو قبل ذلك أو بعد ذلك، فإنهم قدم إليهم من رافضة المشرق من أفسد مذهب كثير منهم (٤) .

وهذا الالتزام بالإسلام قد أغاظ هؤلاء الزنادقة، فعبروا عن حقدهم بهذه


(١) أصول الكافي: ٢/٤٠٩
(٢) أصول الكافي: ٢/٤١٠
(٣) اشتهر عن مالك وأصحابه، أن إجماع أهلها حجة، وإن كان بقية الأئمة ينازعونهم في ذلك، والمراد إجماعهم في تلك الأعصار، المفضلة، أما بعد ذلك فقد اتفق الناس على أن إجماعهم ليس بحجة (مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ٢٠/٣٠٠)
(٤) انظر: الفتاوى: ٢٠/٢٩٩-٣٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>