للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشار دونلدسن إلى احتمال أن فكرة العصمة قد بدأت عند الشيعة في عصر جعفر الصادق (١) ، ويلحظ أن هشام بن الحكم، وشيطان الطاق من المعاصرين لجعفر، فلعل هذه العقيدة عرفت عند الشيعة في عصر جعفر الصادق، ولكنها تطورت، ومرت بمراحل حتى استقرت على تلك الصورة التي يعرضها المجلسي.

أطوار عقيدة العصمة:

وإذا حاولنا أن نرجع إلى النصوص الشيعية التي ورد فيها النص على العصمة لنستقرئ من خلالها الأطوار التي مرت بها هذه العقيدة نجد ما يلي: تنسب كتب الشيعة إلى زين العابدين علي بن الحسين أنّه قال: "المعصوم هو من اعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن" (٢) .

وسواء صحت نسبة هذا النص إلى علي بن الحسين أم لم تصح فإنه يطلعنا على تلك النظرة السليمة للعصمة، وربطها بهذا المعنى الإسلامي الجميل في تلك الفترة المبكرة من تاريخ التشيع، فالاعتصام بالقرآن والتمسك به هو العصمة والنجاة، وهذا المعنى ليس مقصورًا على أناس معينين، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} (٣) ، {وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (٤) .

وبعد ذلك نجد أن هشام بن الحكم الذي ينسب له القاضي عبد الجبار اختراع عقيدة العصمة يسأله أحد رجال الشيعة ويدعى حسين الأشقر فيقول: ما معنى قولكم: "إن الإمام لا يكون إلا معصومًا؟ " فقال هشام: سألت أبا عبد الله (جعفر الصادق) عن ذلك فقال: "المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله،


(١) دونلدسن/ عقيدة الشيعة: ص٣٢٩، محمود صبحي/ نظرية الإمامة: ص١٣٤
(٢) ابن بابويه/ معاني الأخبار: ص١٣٢، بحار الأنوار: ٢٥/١٩٤
(٣) آل عمران، آية: ١٠٣
(٤) آل عمران، آية: ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>