للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل وإشاعة التأويلات المختلفة المتناقضة بين الأمة، ثم يزعمون أنه قد فوض له أمر الدين، يفعل ما يشاء.. فهذه ليست تقية، هذا إلحاد في كتاب الله وصد عن دينه، ثم هل هناك حاجة للتقية في تفسير القرآن وفي القرون المفضلة ومن عالم أهل البيت في عصره؟!

ويزعمون أن أئمتهم كانوا يفتون بتحريم الحلال وتحليل الحرام بموجب التقية بلا مبرر، ففي الكافي "عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله يقول: كان أبي - عليه السلام - يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل البازي والصقر فهو حلال، وكان يتقيهم، وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل" (١) .

ومما يدل صراحة على أن التقية ليست إلا الكذب الصريح بلا مبرر ما رواه شيخهم الكليني عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد الله - عليه السلام - (جعفر الصادق) وعنده أبو حنيفة فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي: يا ابن مسلم هاتها إن العالم بها جالس، وأومأ بيده إلى أبي حنيفة (فعرض الراوي الرؤيا على أبي حنيفة فأجابه أبو حنيفة عليها - كما يزعمون) فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: أصبت والله يا أبا حنيفة.

قال (الراوي) : ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت له: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا ابن مسلم لا يسؤك الله فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا، ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك: فقولك: أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال: نعم حلفت علي أنه أصاب الخطأ (٢) .

فهل استعمال التقية في هذا النص له مسوغ؟ هل أبو حنيفة ذو سلطة وقوة حتى يخشى منه ويتقى، وهل من ضرورة لمدحه والقسم على صواب إجابته ثم لما خرج يحكم عليه بالنصب ويخطئ في جوابه، هل لهذا تفسير غير أن الخداع


(١) فروع الكافي، باب صيد البزاة والصقور: ٦/٢٠٨
(٢) روضة الكافي: ٨/٢٩٢. ط: إيران

<<  <  ج: ص:  >  >>